عبدالله ناصر الفوزان - الوطن هناك مجموعة من أصحاب الفضيلة المشايخ نصبوا أنفسهم فيما يبدو للإفتاء في قضايا سوق الأسهم، إذ إن الإفتاء له جهاز مستقل متخصص في شؤونه يرأسه سماحة المفتي، ومع هذا نجد سيلا من الفتاوى تتعلق بشركات السوق المالي وبنوكه تصدر تباعا من مجموعة من أصحاب الفضيلة الذين أصبحوا معروفين لكثرة ما يصدر منهم من فتاوى خاصة بالشركات والبنوك ولدرجة أنه قد اشتهر بين الناس أن هؤلاء المشايخ متخصصون في ذلك النوع من الفتاوى، ولأنه لا يوجد ما يدل على أنه قد تم تكليفهم بذلك من الجهة الرسمية المختصة بمزاولة الفتيا في قضايا الأسهم في المملكة، فلابد أن هذا مبادرة منهم ربما بدافع التطوع والاحتساب وربما بدوافع أخرى لا أعرفها كأن يكونوا مكلفين من جهة ما بذلك ونحن لا نعرف أو غير ذلك. المهم أن كثرة المفتين باجتهادات شخصية لا تنسيق فيها في قضايا الشركات والبنوك في سوق الأسهم أوجد فوضى ضارية في تلك الفتاوى، فبعضهم يحلل وبعضهم يحرم، وقد وصل الأمر لحد خروج قوائم سميت كل قائمة بشيخ معين فهذه قائمة الشيخ فلان وهذه قائمة الشيخ علان أي أن كل شيخ له قائمة، والقوائم لا تتفق فيما بينها في التحليل والتحريم، أي أن الشركة التي حلل الشيخ الفلاني التعامل في أسهمها حرم الشيخ الآخر ذلك، ولا أعرف كيف أجاز أصحاب الفضيلة هؤلاء لأنفسهم إصدار الفتاوى بالتحريم في أمور يفترض أصلا أنها حلال لأنه تم الترخيص لها من حكومتهم المسلمة التي تطبق الشريعة الإسلامية تطبيقا صارما، بل إنها هي الحكومة الوحيدة التي تحرص على تطبيق الشريعة الإسلامية كما ينبغي، والأمر أبعد حتى من ذلك لأن المفروض أن ما من نشاط يصدر من الحكومة ترخيص له إلا ويكون قد حصل على إجازة شرعية من الجهة المختصة بذلك في الحكومة. وحتى لا يكون كلامي عاما بدون تحديد وتمثيل سأضرب المثل بشركات التأمين التعاوني التي صدر الترخيص بها بناء على فتوى شرعية ومع ذلك نجد بعض أصحاب الفضيلة الذين كما قلنا نصبوا أنفسهم في الإفتاء في قضايا سوق الأسهم يصدرون فتاوى بتحريم التعامل في تلك الشركات انطلاقا من كون نشاطها ليس شرعيا، مع أن وجود شركات التأمين الآن أصبح أمرا ضروريا لا مجال للاستغناء عنه، والصيغة التي يطرحها هؤلاء المشايخ ويقولون إنها هي الصيغة الشرعية الجائزة لن توجد شركات قابلة للاستمرار والتصدي لقضايا التأمين كما يجب أن يكون. أصحاب الفضيلة هؤلاء الذين يحرمون شركات التأمين لماذا لا يتقيدون بما يصدر عن الجهة الرسمية المخولة بالفتيا، بل لماذا لا يقتدون بسماحة المفتي في فتاواه عن شركات التأمين وغيرها، فسماحته سئل عن تلك الشركات وحكم التأمين في صحيفة الشرق الأوسط العدد (11253) يوم السبت 19/9/2009، وعن هؤلاء الذين يفتون في أمور لم يطلب منهم الفتوى فيها ولماذا لا تكون هناك جهة واحدة للفتوى لتعطي رأيها الواضح والصريح بكافة المعاملات المالية التي يتم استخدامها في السوق السعودية..؟؟". وقد كان جواب سماحته كالتالي: "هذا هو المطلوب والمأمول، ولكن وللأسف الشديد إن كثيرا منهم يلجأون إلى بعض من ليس عنده علم غزير، فيسألونه .....؟ على قلة علم، وهذه مشكلة، حيث نجد أن شركة واحدة يتنوع الجواب منها، والواجب أن تكون هناك قاعدة عامة، ما هي الأمور المحرمة أو المباحة". ثم قال سماحته وهذا هو المهم ومربط الفرس "نعلم ولله الحمد أن الدولة لا تأذن بقيام أي شركة إلا أن تكون أمورها مما يوافق الشرع، فنحن نعلم هذا، إنما الأمور التي تأتي بعد هذا، ينبغي مناقشتها بعلم وهدوء، وأن نسأل عنها هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة بسؤال خاص لينظر في الموضوع". وأقول ليت الأمر كما ذكر سماحة المفتي من كون الذين يفتون لا يفعلون ذلك إلا بعد توجيه الأسئلة لهم، فبعضهم يتطوع بالإفتاء دون أن يسأل ويحرم ما أباحته الدولة التي لا تأذن بقيام شركة، كما ذكر سماحة المفتي إلا بعد التأكد من الجهات الدينية المختصة من أن أمورها موافقة للشرع، فلماذا لا يتقيد هؤلاء بنظام الدولة في الإفتاء ولماذا لا يقتدون بسماحة المفتي؟