مدينة الرياض ذات الملايين الخمسة سكانا, ليست هي مدينة الماضي ذات العدد القليل من السكان الذين يكفيهم من مباهج العيد أن يلتقوا بالأهل والأصدقاء, فالرياض اليوم تحمل تنوعاً في سكانها وتعددا في ثقافاتهم ورغباتهم, ولهذا فمهمة جذب هؤلاء السكان للبقاء في مدينتهم أثناء الأعياد والمناسبات الوطنية من خلال توفير عديد من الأنشطة الترفيهية مهمة ليست بالسهلة. وفي هذا الزمن أصبحت صناعة الترفيه جزءا أساسيا من حياة الإنسان ولا يمكن أن يعيش المجتمع دونها, وإذا لم يوجد الترفيه في مجتمع أصبح هذا المجتمع عالة على مجتمعات أخرى توفر جوانب من هذه الصناعة لتشكل نشاطا تجارياً مهماً فيها. وإذا كانت مدينة الرياض وصفت في الماضي بأنها مدينة طاردة للسكان بسبب انعدام عوامل الجذب فيها, إلا أن الرياض في السنوات الأخيرة استطاعت أن تصبح مدينة جاذبة من خلال تنفيذ عديد من الأنشطة السياحية والفعاليات والمهرجانات الترويحية ومهرجانات التسوق التي روعي فيها أن تكون متناسبة مع العادات والتقاليد وتحت إشراف لجان تراعي توافق هذه الأنشطة مع النواحي الشرعية, وهذا ما وفر فرصاً كبيرة لسكان المدينة للاستمتاع بهذه النشاطات ودفعهم إلى البقاء في مدينتهم, كما جعل من مدينة الرياض مدينة جذب لسكان المناطق الأخرى, بل وفر على كثير من الأسر عناء السفر إلى الدول المجاورة. إن صناعة الترفيه النزيه في بلادنا صناعة يجب أن تدعم, فمن خلالها تتحقق للمجتمع عديد من الفوائد, لعل من أبرزها إشاعة البهجة في المجتمع وتجنيب الشباب مخاطر الذهاب إلى دول لا توجد فيها ضوابط لهذا الترفيه مما يوقع كثيرا منهم في مخاطر لا تغيب عن بال الجميع, إضافة إلى ما توفره هذه الصناعة من مصادر دخل جيد لفئات عديدة من أفراد المجتمع. إن ثقافة الفرح التي تسعى الجهات المختصة وفي مقدمتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وأمانة منطقة الرياض والهيئة العامة للسياحة والآثار إلى إشاعتها في كل مناسبة أمر يجب أن يُعضد من خلال الرأي والاقتراح والتفاعل حتى نجعل من مدينة الرياض مدينة تجمع بين العمل والبهجة وتبني جسوراً من التواصل بين مختلف فئات سكانها, بل وتصبح محط رحال كثير ممن يبحث عن المتعة البريئة ويسعى إلى إدخال السرور على نفسه وعائلته. ولعل ما تم حشده من فعاليات كثيرة ومتنوعة خلال عيد الفطر المبارك هذا العام والذي يتزامن في يومه الرابع مع ذكرى اليوم الوطني التاسع والسبعين يبين مدى الجهد المبذول لتنويع هذه الفعاليات لتتوافق مع مختلف ميول سكان مدينة الرياض وزائريها وتوزيعها على أنحاء المدينة لتكون في متناول الجميع, كما يبين أن إشاعة الفرح وأنسنة مدينة الرياض أمر تتفق عليه كثير من الجهات وأغلبية سكان المدينة على الرغم من صعوبة إرضاء كل رغبات الناس. إن العيد فرصة لتتصافح القلوب وتتصافى النفوس ويلتقي الأهل والأصحاب في جو من الفرح والسرور, ولهذا فمن المهم الوقوف مع أي جهد يسعى لتحقيق هذا الهدف. وفي الختام أبارك للجميع عيد الفطر المبارك، راجياً من المولى القدير أن يجعل أيامنا أفراحاً وأن يجنبنا وبلادنا كل سوء، إنه على كل شيء قدير.