اليوم ينقسم بشكل عام إلى قسمين: ليل ونهار، ويتوازع القسمان الساعات التي هي مكونات اليوم وفي بعض أجزاء السنة يفوز الليل بقسم أكبر من الساعات ، وفي أجزاء أخرى من السنة يأخذ النهار النصيب الأوفر منها وفي أيام أخر يقتسمان بالسوية ساعات اليوم. والليل يسبق النهار أو ما يصطلح عليه باليوم على الرغم من أن إطلاق اليوم يشمل الجزأين ولكنه أطلق على النهار بشكل أغلبي كقولنا القمران عن الشمس والقمر مثلا أو الأسودان عن الماء والتمر وعلى كل هذه بعض الإشارات السريعة عن اليوم: (1) الأيام ثلاثة: يوم مضى : طوي خيره وشره ولا يمكن استرجاعه. يوم قادم : كل يؤمل فيه ويخطط له ولم نملكه بعد. ويوم حاضر : وهو الذي يعيشه المرء ، ويستطيع فيه بأمر الله استدراك الفائت والعيش في القادم إن استثمر هذا اليوم. (2) اليوم أشبه بالدائرة يبدأ بعد آذان الفجر وينتهي مع آذان الفجر الذي يليه ،هذا الوقت بين الآذنين والذي قدره الله بأربع وعشرين ساعة لا تزيد و لا تنقص عبارة عن سجل وصحيفة عمل للمرء وفي النهاية الكبرى سيرة عمل من تكليفه وحتى مماته فاليوم يمكن أن يكون لك نوراً أو ثبوراً. (3) الأيام أنواع تختلف في خصائصها عن بعض فيوم الدنيا ليس كيوم البرزخ ويوم البرزخ ليس كيوم الآخرة. (4) قال تعالى : (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا) أي بعضها خلف بعض قال الحسن البصري رحمه الله : (يإبن آدم ما أنت إلا أياماً معدودة ، فإذا ذهب يومك ذهب بعض، فإن في غروب الشمس وشروقها لعبرة) (5) يوم الدنيا إعداد ليوم الآخرة ، إن خيراً فخير وإن شراً فشر. وبينها يوم البرزخ وفيه يفرح المؤمن المشمر ويتحسر الغافل التائه. (6) من العجيب الذي يمكن أن يجده المرء من نفسه: أن الأيام التي تابع شهواته العاصية ونفسه الأمارة بالسوء تنقضي لذاتها مباشرة انقضاء الشهوة ولا يبقى لها أثر على عكس الطاعات وعمل الخير والذي يريد مصداق ذلك فليجمع أيام كان فيها على شقاق مع الخير ،رافق فيها الشر هل يجد لها لذة الآن...لا أظن ،وعلى العكس من ذلك تذكر عمل خير واحد خرج من نية صادقة في يوم واحد فقط أظن أن لذتك الآن تعدل كل اللذات والشهوات. (7) اليوم ليس الأمس ، وليس الغد. اليوم هو وحدة العمل لديك ،اليوم هو حقلك الذي تزرع فيه للغد وتحصد منه ما زرعت بالأمس. أنسى أمسك ، واترك غدك لوقته وركز على يومك. من منن الله علينا أننا لا يمكننا بحال من الأحوال ومهما بلغنا من علم أن نحصي الأعمال الصالحة التي يمكن لنا عملها في يومنا (24ساعة). من كان آمن في سربه ولديه قوت يومه فقد فرغت نفسه لزراعة يومه بالخير على الرغم من أن انشغاله بقوته وقوت عياله من أفضل القربات إلى الله تعالى . هذه إشارة، لتلفت الانتباه إلى أن الدنيا والغد والمستقبل قد يشغلنا عن اليوم ، والذي قد نكمله أو لا نكمله حتى نعيش في الغد المنتظر. قال تعالى : (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) (أخيرة) الإفادة من تجارب الأمس والتخطيط للغد لا يتنافي مع التركيز على الحاضر (اليوم).