أنس زاهد - صحيفة المدينة الأمانة لا تعني ألاّ نقع في الخطأ، فالإنسان بطبيعته كائنٌ خطّاء. الأمانة تعني أن نتحمّل مسؤوليتنا، ونعترف بالخطأ عندما يصدر منّا بدلاً من محاولة تبريره. أمّا الشجاعة فتعني أن نعتذر عن وقوع الخطأ بدلاً من التمسّك بموقفنا، انطلاقا من المبدأ الذميم الذي أطلق عليه القرآن الكريم (العزة بالإثم). هكذا يفعل الكبار الواثقون من أنفسهم، أمّا الصغار، ومرضى النفوس، فإنهم لا يتمكّنون من فعل ذلك؛ لأنهم ببساطة شديدة أجبن من أن يقوموا بمواجهة أنفسهم، أو بمحاسبتها. المشكلة في رأيي تعود إلى أننا أمة تفتقر إلى ثقافة الاعتذار، التي أعتقد أنها جزء مهم من منظومة القيم التي تحتاج إليها أية أمة تعمل على النهوض. ذلك أن شيوع ثقافة الاعتذار سيجعل من التراجع عن الخطأ أمرًا سهلاً، ولا يستوجب الإدانة بقدر ما يجلب الاحترام. والأمة التي يتعلم أبناؤها كيف يتراجعون عن أخطائهم بسهولة ستكون قادرة دومًا على تصحيح مسارها في حال وقوعها في أي خطأ. إن ثقافة الاعتذار لا يمكن أن تتغلغل في البناء النفسي والفكري للمجتمع، دون أن يتبناها قادة الفكر، وصنّاع الرأي العام قبل غيرهم. فهؤلاء هم الفئة القادرة على تعليم الناس فضيلة مراجعة قناعاتهم باستمرار. ثقافة الاعتذار جزء من العقل النقدي الذي يرفض ادّعاء امتلاك الحقيقة المطلقة من قِبل أي طرف أو فرد أو تيار. وهذا هو حجر الأساس في البناء الفكري لليبرالية. متى يتعلم ليبراليونا كيف يكونون ليبراليين؟!