عندما قرأت القصة الحزينة للسيدة الكويتية التي أحرقت عرس طليقها و تسببت في إزهاق أرواح 45 إنسانا بينهم سبعة أطفال, تذكرت تلك العبارة الشهيرة التي أطلقها الطيار الأمريكي الذي ضرب إحدى المدينتين ناجازاكي أو هيروشيما بالقنبلة الذرية وكتبت الصحف العالمية عبارته في صفحاتها الأولى أيامها: "يا إلهي, ماذا فعلت؟!". في تصوري أن هذا هو شعور هذه السيدة التي تواجه الآن تهماً كفيلة بإيصالها لحبل المشنقة. الانتقام عاطفة شريرة تتوغل بالإنسان إلى متاهات و وديان لا تبقيه على صفته الإنسانية بعدها, ولذلك كان الحكماء و الفلاسفة قديماً وحديثاً يسعون لتقليم أظافر تلك المشاعر الغضبية التي تؤدي إليه و توصل لكوارثه, و مما يغيب عن ذهن كثيرين هو أن انتقام المرأة هو من أبشع الأشياء التي لا يمكن تصورها أولئك الذين يتخيلون المرأة مخلوقاً ضعيفاً لا حول له ولا قوة, و قواها الغضبية الساكنة جديرة بالدراسة و التحليل.غيرة المرأة شيء مخيف و لا ينبغي أبداً أن يستهان به, فالمرأة كلها عاطفة و عندما تستثار عاطفتها تفقد كل سيطرة عقلية على تصرفاتها وقد تنجرف عواطفها في اتجاه سلبي كالانتقام في حال شعورها بالإحباط وعدم تقدير تلك العاطفة, من وجهة نظرها على الأقل. كثير من الناس, و أنا منهم, كان يحن إلى الأعراس التي تقام في الخيام, لكن هذا الحنين سيتراجع كثيرا بعد هذه الكارثة المحزنة ولا شك أن إقامة العرس في خيام مصنوعة من خامة قابلة للاشتعال مع وجود البديل , و إقرار هذا العمل , كان خطأ فادحا لا بد من محاسبة المسؤولين عنه, فالرغبة في الحفاظ على طقوس الأعراس بأصالتها وجمالها شيء وضرورة مراعاة شروط السلامة شيء آخر و مثل هذا التجمع الكبير للبشر كان من المفروض أن يكون في خيام مغلفة بغلاف غير قابل للاشتغال كتلك التي نراها في منى في موسم الحج, بل لا بد من منع صناعة الخيام التي لا تملك هذه الخاصية حفاظا على أرواح البشر التي لا تضاهيها قيمة. أمر آخر أدى لهذه الكارثة هو قلة المخارج, مما أدى لتدافع الناس على البوابة الرئيسة و حدوث موجة من الهلع و التدافع و موت كثيرين تحت أقدام الخوف من الموت. أمر آخر ملفت للنظر في هذه القضية, هو تلك الخادمة الآسيوية التي أدلت بشهادة الإدانة ضد المرأة التي ارتكبت الجريمة, لماذا سكتت عما رأته و لم تحذر الناس أو تبلغ المسؤولين قبل حدوث الكارثة؟ لا نملك إلا أن نعبر عن حزننا لأهالي الضحايا و أن ننقل تعازينا العميقة لأهلنا في الكويت و أن نقول لهم: رحم الله شهداءكم.