نشر في هذه الصحيفة يوم الاثنين (26/8/1430) خبر مفاده أن هيئة الأمر بالمعروف في منطقة المدينةالمنورة سعت إلى إيقاف حفل إنشادي لفرقة (قناة طيور الجنة) أقيم في أحد الأسواق الكبرى بالمدينةالمنورة. وأن المتحدث الرسمي للهيئة أفاد أن «سبب محاولة أعضاء الهيئة إيقاف الحفل هو تشغيل الموسيقى أثناء الإنشاد والاختلاط». هذا الخبر على صغره، وزنه ثقيل جدا، فهو يحمل في ثناياه دلالات بالغة الأهمية، ويكشف عن جوانب من الخلل في حياتنا الاجتماعية مسكوت عنها في تجاهل ضار. وما أريد قوله هنا ليس دفاعا عن (فرقة الإنشاد) فهي لا سهم لي فيها ولا عمل، وأيضا ليس هجوما على الهيئة فليس بيني وبينها خلاف ولا ثأر، كل ما هنالك هو أن هذا الحدث بدا غير مستساغ على الإطلاق، فوقوعه بهذه الصورة تعبير مخجل عما يعيش فيه مجتمعنا من فوضى وتداخل في الصلاحيات وضبابية في الأنظمة وغياب للوائح، حتى ظهر بهذه الصورة المخجلة وكأنه مجتمع بدائي بلا ضوابط ولا قواعد تنظم حياته. من يقرأ ذلك الخبر، تقفز إلى رأسه بضعة تساؤلات يفرضها الموقف: 1- هل هذه الفرقة أقامت حفلها بلا تصريح؟ 2- هل توجد جهة رسمية تمنح التصريحات لمثل هذه المناسبات؟ ما هي؟ إدارة السوق؟ الداخلية؟ الشرطة؟ هيئة الأمر بالمعروف؟ 3- هل التصريحات تمنح وفق شروط محددة؟ 4- ما هي؟ هل هي موضحة في ورقة التصريح؟ 5- متى يصح إيقاف البرنامج أو المشروع المصرح له؟ وما الجهة التي يحق لها ذلك؟ أهي الجهة التي صدر عنها التصريح، أم أنها صلاحية مشاعة لكل من يحتج أو يعترض؟ 6- ما حق الجهة التي توقف لأسباب لم يرد لها ذكر في التصريح؟ هل تعوض عن الخسارة المادية التي تلحق بها؟ ومن الملزم بدفع التعويض، أهي الجهة التي أمرت بالإيقاف، أم الجهة التي منحت التصريح؟ 7- وماذا عن حق الجمهور حين يحرم من شيء دفع قيمته مسبقا، هل يعوض وتعاد له أمواله؟ 8- هل تلك الموسيقى التي عزفتها فرقة الإنشاد وكانت سببا دافعا لإيقاف الفرقة، تختلف في شيء عن تلك التي يسمعها أطفالنا كل يوم فيما يقدمه التلفزيون والإذاعة المحليان من برامج؟ 9- هل الاختلاط الذي رصدت الهيئة وجوده في الحفل كان مختلفا في صورته عن ذلك الذي نراه أمامنا يوميا في الأسواق والمحلات التجارية؟ إن كل هذه التفصيلات تحتاج إلى تقنين ولوائح توضح وتحدد المسموح به وغير المسموح؟ متى يحق الإيقاف؟ وما الجهة التي يحق لها ذلك؟ إن للهيئة أن تحتج كما تشاء وأن تعترض كما ترى، ولكن للناس أيضا الحق في أن لا تضيع أموالهم هدرا، ولأصحاب رؤوس الأموال الحق في أن لايتسبب أحد في خسارتهم بلا ذنب منهم. وللمجتمع الحق في أن يعيش على مستوى العصر في انضباط ونظام يحفظ الحقوق ويحدد الواجبات.