استاء المجتمع بما بثّته إحدى القنوات الفضائية حول أقوال المجاهر بالرذيلة، والذي تجاوز كل الحدود، وخالف جميع الأعراف من خلال اعترافاته الموثّقة بالصوت والصورة، ومتابعة المشاهدين لأقواله وأفعاله المخزية من خلال عرض تلفزيوني مخجل، لقناة فضائية معروفة، فهذا المجاهر بالرذيلة أقدم على جرائم نكراء، جعلت أهله يرفعون قضية عليه، كما أن ظهور هذا المجاهر علنًا على الملأ نبّه المجتمع على فئة مارست وتمارس الرذيلة، وإصرارها على المعصية دون وازع ديني، فعُميت الأبصار، واسودّت القلوب. إنني لستُ من أصحاب التعليقات في المنتديات، وليس لي صفحة على الفيس بوك، ولكن حادثة المجاهر بالرذيلة صعقتني، كما صعقت الآخرين، فذهبتُ إلى الإنترنت لأشهد عرض البرنامج على اليوتيوب، وممّا أساءني كثيرًا تعليقات عديدة من هنا وهناك على أفعال هذا الشاب، بالرغم من أن ما قام به هو فساد في الأرض، وملعون فاعله، ولكني أحب أن أكتب وأشارك في الكثير من التعليقات التي قرأتها، وانحرفت من قضية هذا المفسد إلى قضية أخرى هامة هي العنصرية البائدة، هذه التعليقات تجاوزت الحد المعقول، حيث قامت بنعت هذا الشاب بمفردات تنم عن ثقافة عنصرية مازالت متفشية في عقول بعضنا. إن هذه العنصرية قضية خطيرة أخرى نواجهها من قِبل فئات مازالت تتزاحم عقلياتهم بمثل تلك المفردات المقيتة. أين نحن من حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه ذرة من الكبر)، وإنه ليحزنني ويؤلمني أن تكون هذه ظاهرة في مجتمع إسلامي يتمثل فيه قلب الإسلام والذي من المفروض أن يكون نبضه أنوارًا يشعها للعالم من شرقه لغربه. وقد وصلت المملكة العربية السعودية بمبادرة خادم الحرمين الشريفين -ملك الإنسانية- ومنذ أن كان وليًّا للعهد إلى ريادتها في المبادرة الداخلية والخارجية، والتي اقتبسها العالم من حولنا مثل مبادرة السلام، والحوار الوطني إبان كونه وليًّا للعهد، ومبادرة حوار الأديان، وأخيرًا مبادرة المصالحة العربية، هذه المبادرات إنّما تعكس وعيًا سياسيًّا حكيمًا لتتصدى للدعاة إلى صراع الحضارات أو الأقاليم. فجدير بنا كمجتمع إسلامي التخلّص من (تلكم العنصرية المقيتة) بالتوعية والتوجيه بتعاليم ديننا العظيم، والتحلّي بالتواضع والتضامن والتذكّر بأن أول وأكبر معصية أخرجت إبليس من الجنة كانت (الكبر). ولا يسعني إلاَّ أن أختم مقالتي المتواضعة بأبيات من الشعر المنظوم لجدّي المرحوم (بإذن الله تعالى) حسين داود فطاني المعلّم بالمسجد الحرام، وسفير خادم الحرمين الشريفين في تركيا وماليزيا في كتابه (يا قبلة المجد): قل للدّعيين بالأنساب حسبكم جهالة إنه الشيطان يمليها فالجاهلية قد ولّت ضلالتها والعنصرية شرع الله يلغيها وانّما أمة الإسلام واحدة والفضل يكمن في التقوى لراجيها