قناعتي انه كلما تزايدت مشكلات الجهاز مع منسوبيه أو مع الجهات والأفراد في المجتمع، تزايد منسوب ضخ الإنجازات الورقية إعلاميا للتخفيف من حدة الاحتقان الشعبي والمؤسسي تجاه الجهاز ومسؤوليه.. بطبيعة الحال، تنفيذ هذه الأعمال التسويقيّة إعلاميا فيه من التنوع والابتكار الكثير، فمرات يظهر الوزير ومرات احد كبار معاونيه وفى معظم الأحوال مسؤول الإعلام والعلاقات العامة تفاديا لإملال الجمهور وللحؤول دون فقد اهتمام وسائل الإعلام نفسها.. باختصار ما يحدث هو بيع للوهم وذر للرماد وضحك على الذقون كسبا للوقت وتسويق لوعود لا تسمن ولا تغني من جوع كما يقال .. يعني مشكلات المياه وقرف الصرف الصحي على سبيل المثال واحدة من هذا النوع من التسويق الورقي إعلاميا ومن سنوات طويلة مرت وخلق الله يعانون الأمرين اليوم في جدة والطائف ومكة والدمام وأبها، ولا جديد أبدًا لدى وزارة المياه والمؤسسة العامة لتحلية المياه..أزمة الكهرباء هي الأخرى ليست بأقل من ازمة المياه، ولا تكاد تطل اشهر الصيف الحارقة فى البلد إلا وتهل مآسي الأحمال الزائدة وعطب المولدات وضرب الكيابل وهلم جرا، وكل عام يقال ان العام القادم سينعمون بطاقة ما بعدها وسيرفلون فى نعيم وافر من البرودة لا مثيل له.. بيني وبينكم موضة التسويق الكلامي والصرف على الرأي العام مستشرية هذه الأيام الا وهي تسويق المنجزات إعلاميا من قبل وزراء ومسؤولي قطاعات فى اجهزتنا الحكومية بشكل محموم ولم نكن نعرفه فى السابق إلا عند تدشين مشاريع جاهزة او برامج متحقّقة عمليا وعلى الأرض..هذه الموضة اليوم تلجأ إليها اجهزة حكومية عرفت بأدائها المتعثّر وبمشكلات ازلية مع خدماتها شعبيا. فالعديد من الأجهزة الخدمية اليوم تستخدم الإعلام بشكل غير مسبوق لضخ عشرات البرامج وعشرات المشاريع الورقية وغير المتحقّقة على ارض الواقع.. وغالبا ما تكثّف عمليات التسويق هذه سواء بالمؤتمرات الصحافية او التصريحات والحوارات او بشغل العلاقات العامة عندما يواجه الجهاز ازمة مع الجمهور من أي نوع كان.. ويطوي الناس عاما بعد عام لتكتشف ان ما صرف عليك ليس إلا عمليّات تسويف وتسكيت ولا إنجاز حقيقي على الأرض..أمانات المدن والخدمات والمرافق التحتية ومنح الأراضي وبنك التنمية العقاري ليست بأحسن حالا من سابقاتها فى التسويق الورقي إعلاميا لبرامج وخطط ومشاريع فقدت الناس الأمل في تحقيقها على الأرض .. الخدمات الصحية هي الأخرى لا تقل سوءا عن سابقاتها، فالمواطن كل يوم يصبح على افتتاح مشفى ويمسي على تدشين مجمّعات طبية فى شرق البلاد وغربها والمواطن لا يكاد يحصل على سرير أو حاضنة أو رعاية طبية مأمونة.. طيب ما هو الحل؟ الحل لدى مجلس الشورى المخول رقابيا على مراجعة أداء أجهزة الحكومة وعلى الواقع المتحقّق وليس ما يرد في تقارير التسويق لأداء الأجهزة التي ترفع لمجلس الشورى.