الانباء المقلقة عما يحدث للايرانيين السنة في مدينة «زاهدان» باقليم بلوشستان تعيدنا من جديد للنظر في الفارق الكبير بين الخطاب الرسمي لايران كنظام يدعو الى الوحدة الاسلامية في مواجهة الغرب وبين الممارسات الفعلية لاجهزة هذا النظام تجاه المختلفين عرقيا ومذهبيا عنه من فئات الشعب الايراني. احداث زاهدان بدأت بعد تفجير دموي في احد المساجد - وهو عمل اجرامي لا يمكن ان يؤيده احد - لكن ما حدث هو ان ايران اعدمت ثلاثة من سكان المنطقة من السنة بعد 24 ساعة من التفجير وبلا محاكمة، بل يقال ان الثلاثة كانوا رهن الاعتقال وقت الحادث ولا يمكن ان يكونوا منفذيه، وبعد تنفيذ الاعدام وردت تقارير بان الاجهزة الامنية الايرانية نفذت حملة قمع وعقاب جماعي ضد الاهالي السنة، الامر الذي يتوافق مع سياسة قديمة ومستمرة لطهران تجاه الاقليات المختلفة مذهبيا وعرقيا مثل البلوش والعرب والاكراد. وقد وجدنا صعوبة كبيرة في متابعة حقائق ما يجري في «زاهدان» بسب سياسة التعتيم الايرانية وبسبب القمع الذي يمنع قيام أي جهة او هيئة تنطق باسم اهالي بلوشستان وتقدم رواية مستقلة عن الروايات الايرانية الرسمية التي تفسر كل صور المعارضة والاحتجاج الداخلية بانها مؤامرة امريكية، ولكن بالقياس مع احداث كثيرة وقعت في بلوشستان سابقا وفي كردستان والاهواز يمكن تخيل الاوضاع التي تسود حاليا في زاهدان، والمسألة لا تنحصر فقط في الممارسات البوليسية ضد السنة هناك بل تمتد الى الاضطهاد الديني بالتضييق على ائمة المساجد والعلماء والمدارس الشرعية، وبالتهميش الاقتصادي والاداري والخدمي مقارنة بالاقاليم الاخرى في ايران. الخطاب الايراني منذ 1979 ينادي بنصرة «المستضعفين» وبوحدة المسلمين في مواجهة «الاستكبار الغربي» ومن اجل قضية فلسطين، لكن الممارسات الداخلية لطهران لا علاقة لها بهذا الخطاب بل تتصرف مثل أي نظام شمولي يقيم سياسته على التعصب القومي والديني، واذا كانت هذه هي معاملة النظام الايراني لمواطنيه المختلفين عرقيا ومذهبيا فكيف سيعامل شعوب الجوار لو امتدت هيمنته اليها