عبدالعزيز قاسم - عكاظ كان الشيخ سليمان الدويش طيلة هذا الأسبوع حديث كثير من المنتديات الحوارية والمواقع في الشبكة العنكبوتية وبعض الصحف السعودية جراء لقائه الفضائي في قناة (دليل) التابعة للشيخ سلمان العودة يوم الجمعة الماضي. الرجل يختط نهجا يراه الكثيرون متشددا، وفيه سرف ورهق تجاه مخالفيه من الليبراليين وغيرهم من الطوائف والتيارات الفكرية. ويمتثل الرجل هذا النهج الفكري سلوكا أيضا، فقد رفض مصافحة أحد الإعلاميين الكبار، ممن يعتقد أنه يجدف ضد الدين وضد كل ما يمت لهوية الأمة، وقتما مد يده ليصافحه، وقال له : أنا لا ألوث يدي بوضعها في يدك. في كل هذا ينطلق الدويش من عقيدة الولاء والبراء، ويعتبر ما يفعله من كتابات حادة وسلوك حدي فاصل هو من باب الجهاد والقربى إلى الله تعالى. وربما أسوق بعضا من مفردات الرجل التي يستخدمها ضد خصومه، فلعلها تقرب الصورة للقارئ الكريم، فالرجل يستخدم عبارات من أمثال : «بغال الليبرالية أو من لف لفهم من البلْه» و «كثير من قنوات العهر التي يمتلكها ويرأسها شُذاذ من بني جلدتنا، لايقلون جناية بفعلهم في الأمة ، عن جناية الصهاينة في إخواننا» و «الأوغاد.. والسفهاء.. والكذبة». الحقيقة أن قائمة المفردات القاسية تطول، وعندما نتأمل ما يكتبه الرجل ونقارنه بالتوجيهات القرآنية : {وقولوا للناس حسنا} [البقرة:83] وقوله: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}[فصلت:34] وقوله: {ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون} [المؤمنون:96]؟ {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} [النحل:125]. ورسولنا عليه الصلاة والسلام يقول: كما ثبت عند الترمذي وأحمد والحاكم عن عبد اللّه بن مسعود- رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء . ولمسلم وأبي داود وغيرهما عن عياض بن حمار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : «إن الله تعالى أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد». الشواهد كثيرة في ضرورة الرفق مع المخالف، والمجادلة بالحسنى، غير أن الشيخ سليمان الدويش إذا سيقت له هذه الآيات والأحاديث، يرد عليك من جهة تخصصه الشرعي بأن ثمة أناسا لا ينفع معهم إلا الشدة والغلظة في القول، ويورد من جهته شواهد أيضا تدل على استخدامه صلى الله عليه وسلم الشدة، منها : اخسأ عدو الله فلن تعدو قدرك. وحظيت ظاهرة الشيخ سليمان الدويش بكثير من التعليقات من الزملاء، وكتب الأستاذ عبدالرحمن الراشد الإعلامي المعروف مهتبلا الفرصة ومعلقا عبر رسالة على ما فاه به الدويش قائلا: أختلف مع من كتب يعاتب على استضافة سليمان الدويش في القنوات الفضائية، فهو بالفعل رجل صادق يستحق اللقاء أكثر من كل الآخرين من المنظرين والقياديين الملقبين بالإسلاميين. الدويش يمثل بالفعل هذه الجماعة التي تكره الغير، ومن لا يتفق معها، وترى العالم الفسيح ضيقا لا يتسع إلا لها. سليمان الدويش أكثر صدقا وتعبيرا عن حالة جماعته من البقية التي تحاول أن توهمنا هيئة ومنظرا وحديثا بأنهم حضاريون.أشجع على إبراز الدويش ومن هم على شاكلته لأن في ذلك خدمة لنا جميعا. أعرف أن كثيرين من الإسلاميين الدعاة يختلفون مع الشيخ سليمان الدويش، ومن الظلم بمكان تعميم صورة هذا النهج على بقية الدعاة، بل الرجل نفسه يرفض ذلك، وعليه أتمنى من علمائنا الكبار أن يوضحوا رأيهم في هذا النهج، وهل هو من روح الإسلام، لأن هناك من يصطاد أمثال هذه المواقف ليطعن في خاصرة الدعوة والدعاة، وأنا على يقين بأن الشيخ سليمان الدويش سيرعوي للحق وينصاع له إذا اتضح أن أسلوبه مخالف ومنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم.