الجزيرة أقدر الجهد الكبير الذي تبذله وزارة الثقافة والإعلام في إقامة المعرض الدولي السنوي للكتاب في الرياض، وأنا أعلم أنه يتطلب جهداً تراكمياً وتنسيقاً عالياً...، ولكن جانباً واحداً يخذل الوزارة في تقييمنا لفعاليتها... إنه جانب (التنظيم)، ومن خلال اطلاعي على الجانب (التنظيمي) خلال ثلاثة أيام في المعرض يمكنني إعطاء الوزارة 3 من 10! نعم يجب ألا نجامل في مسائل التنظيم، فهي تعكس إلى حد كبير طريقة التفكيركما أنها مؤشر على بعض الأبعاد الثقافية والحضارية... هنالك معيار للتنظيم الفعال هو: (التنظيم الجيد لا يلجئك إلى سؤال الآخرين، فكل شيء واضح أمامك، وكلما وجهت أسئلة أكثر دل ذلك على رداءة التنظيم!)، وهنالك معايير أخرى هي: (المحافظة على الأوقات) و(المنطقية في الترتيب والتسلسل المعلوماتي)، و(مراعاة الجوانب الإنسانية).... ولو عدنا إلى المعرض لوجدنا - على سبيل المثال - الآتي: * خلو المعرض من اللوحات على المداخل الأساسية للمعرض، لدرجة أنك تشك بأنك متجه فعلاً لمعرض كتاب! كما أنه لا توجد لوحات إرشادية داخل المعرض. * عدم وجود تقسيم جغرافي للمعرض بطريقة منطقية وميسرة للزائر، فلو قسم المعرض إلى عدة مناطق أو أركان باستخدام الألوان - على سبيل المثال - لكان ذلك معيناً للزائرين ومرشداً لهم. * عدم وجود خارطة جغرافية تبين أماكن دور النشر، وقد قيل لي: إنه صدر بعد عدة أيام من الافتتاح دليل لدور النشر، ولكنه لا يرشد إلى الأماكن، وهنالك طريقة مبسطة وهي وضع شاشات في أماكن مختلفة توضح مكان الزائر وترشده باللمس إلى الدار التي يريدها، وأعتقد أن بعض طلاب الحاسب في جامعاتنا يمكنهم برمجة ذلك! وفي واقع المعرض الحالي نجد أنفسنا أمام عشرات الأسئلة، وكل سؤال ُينقص من درجات التقييم؟! * عدم وجود أماكن للاستراحة داخل المعرض، وفي هذا جناية على الإنسان وبالذات من يشتكي مرضاً أو تعباً أو إرهاقاً! * الناس يؤدون الصلاة داخل المعرض على الأرض التي يدوسونها بأحذيتهم، في منظر كان يسعنا عدم التورط به! * وضعت الوزارة عبء التأكد من عدم وجود تلاعب أو غش في التسعير على (الزبائن)، مع أن ذلك الدور يقع على الجهة المنظمة، صحيح أن الزائر ُيفترض أن يبلّغ عن حالات التجاوز، ولكن ليس دوره التحري عن سعر الكتب من خلال المقارنة بين الأسعار الرسمية والأسعار الفعلية. ولنا هنا أن نسأل: كم هي الحالات التي كشفتها الوزارة تجاه التلاعب في الأسعار وما الخطوات العقابية التي اتخذت؟ خاصة أن بعض دور النشر - في ممارسة مستمرة - لا تمنح فواتير للمشتري؟! * من يريد الحصول على الكتب الأجنبية، لا يعرف إلى أين يتجه؟ وهنا قد يعاد النظر في مسألة التقسيم باعتبار الدول المشاركة إلى معيار أفضل. * لم أر موظفين مختصين من قبل الوزارة يتجولون في المعرض لإعطاء المعلومات والإرشادات اللازمة للزوار (مع أهمية ارتداء زي مميز وأن يكونوا بالعدد الكافي). * استمرار الضعف البين في أجنحة بعض الجهات العلمية والحكومية السعودية، وهنا نرى الخلل التنظيمي في عدم وجود معايير تقرر الحد الأدنى من الجودة في العرض، من الناحية الكيفية والكمية. وهل يعني هذا منع الجهات التي لا تلتزم بالحد الأدنى من المشاركة؟ بالتأكيد نعم! (لأن بعضها بصراحة يفشل!) * لم أر أي استبيانات للتقييم والتغذية الراجعة من قبل الزوار... هل يعني ذلك عدم تطلع الوزارة للتطوير التنظيمي؟ * ما سبق يعني: (أن الوزارة لم تؤسس ذاكرة جمعية تراكمية بخصوص تنظيم معارض الكتاب)... مما يدعونا إلى الهمس في أذن الوزارة: (كوني منظمة متعلمة) The Learning Organization. أكتفي بهذا القدر من الملاحظات التنظيمية، وأشير إلى أن الأفكار التنظيمية كثيرة وميسرة أيضاً، مع إعادة تأكيدي على تقديري الشخصي للجهد المخلص الذي تبذله الوزارة، وأخص بالشكر والتقدير الفريق التنفيذي المباشر للمعرض وعلى رأسهم الإنسان الرائع الدكتور عبدالعزيز السبيل، ولكن الوزارة في (التنظيم) - بحسب تقييمي - لا تستحق أكثر من 3 درجات، فهل تقبل الوزارة هذا النقد وترينا من نفسها (خيراً تنظيمياً) في الأعوام القادمة؟! د. عبدالله البريدي