تطالعنا التحقيقات الصحافية بين الحين والأخر حول قضايا معينة ممقوتة وكذلك تطالعنا بعض المقالات والكتابات حول أوضاع معينة ممقوتة أيضا. ونجد الكثير يستغرب من تورط بعض من المتعلمين أصحاب الشهادات في مثل هذه الأمور. فمثلا قضية العنف ضد النساء قال كاتب مقال باستغراب " ان بعضا من أصحاب الشهادات العليا يمارسون العنف ضد زوجاتهم وقد تعلموا في البلاد الأكثر تحضرا واحتراما للنساء " في وجهة نظره. واعتقد انه لم يسافر الى هناك إلا متنزها ولم يخالط الناس هناك مخالطة تكفي لمعرفة السلوكيات الاجتماعية في تلك البلاد والمنصفون يقولون ان من نعتبرهم قدوة في التعامل مع النساء هم اشد الناس عنفا ضد زوجاتهم وأبنائهم وبناتهم ولا أود الخوض في اكثر من هذا حتى لا يطغى الكلام على موضوع مقالي الأساسي. وأيضا تم عرض تحقيق عن السحر واستغرب البعض من بعض المتعلمين الذين يأتون السحرة حتى يحققوا على أيديهم تطلعاتهم. وبغض النظر عن مشروعية تلك التطلعات من عدمها لان الوسيلة لتحقيق تلك التطلعات تفسد مشروعيتها ان كان بعض من تلك التطلعات مشروع والكثير من تلك التطلعات غير مشروع. والمهم في موضوعي ان العلم مهما علت درجته وشهادته لا يُكسب سلوكا إلا العلم الشرعي مع وجود التقوى في النفس. واهم سنين العمر لكسب السلوك الخمس سنوات الاولى من عمر الإنسان وتبقى متلازمة معه طوال العمر وأيضا تعتمد على نظرة الشخص لتلك السلوكيات غير المقبولة ومدى تقبله لها ونجد بعض الأشخاص يمارسون مع الآخرين ما مورس معهم من سلوكيات غير سوية لأنهم مقتوها شفهيا والظاهر فعليا انهم يعتقدون انها الوسيلة الأنجع لأخذ الحق. وقد صدق الرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في قوله (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أوينصرانه أويمجسانه ). اللفظ لأبن حبان في صحيحة ورواه الشيخان واحمد وغيرهما. ويستفاد من الحديث ان السلوك يكتسب من البيئة والمجتمع وأيضا الاعتقادات المخالفة للفطرة السليمة مكتسبة ويغيب هذا عن الكثير. ونجد الكتاب والكاتبات يلوحون بأقلامهم مستنكرين الأفعال المخالفة على المتعلمين ويزداد الاستنكار كلما علت الشهادة العلمية وينسون ان الشهادة تأهيل في علم معين قد يكون نظري او عملي والشهادة ليست تأهيلا سلوكيا فعجبا من استنكار ليس في محله والميزان في هذا الامر وكل الأمور مدى الالتزام بشرع الله وشرعته والقدرة على أنصاف النفس من الآخرين وأنصاف الآخرين من النفس. والبعد عن اتباع الهوى والإيمان جديا بالله سبحانه وتعالى والاعتقاد يقينا بان الله سبحانه وتعالى محاسب كل شخص عن أفعاله وان صغرت وعنده حسن الجزاء لفعل الخير والعقاب لفعل الشر فقد قال تعالى في كتابه العزيز (فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرةٍ شراً يره) الزلزلة 7، 8 وما إتكالي إلا على الله ولا أطلب أجرا من أحد سواه