يظل معرض القاهرة الدولي للكتاب، محل اهتمام الناشرين والمثقفين الذين ينتظرون موعد افتتاحه ليقبلوا عليه من مصر وخارجها، وفيه تجد دور النشر رواجا لمطبوعاتها، كما يجد فيه المثقفون ما يستجد من الكتب التي ربما لا يجدونها في معارض أخرى، وإلى جانب ذلك يجد الجميع الفوضى العارمة التي ربما لا يجدونها أيضا في المعارض الأخرى. في معظم معارض الكتب تعوّدنا على وجود مركز معلومات أو مكتب استعلامات يسهل على رواد المعرض مهماتهم من خلال إرشادهم إلى دور نشر الكتب التي يرغبون في اقتنائها، أو الكتب التي يمكنهم الحصول عليها حول بعض المواضيع البحثية، وتحديد دور النشر وأماكنها في المعرض، مع تزويد من يريد بقائمة موحّدة لكل مطبوعات دور النشر المشاركة في المعرض وأماكنها، وهذا ما لا يتوافر في معرض القاهرة الدولي للكتاب، وعلى من يبحث عن كتاب محدد أن يبحث عن موقع دار النشر التي أصدرته معتمدا على جهده الشخصي لأنه لن يجد من يرشده لموقعها، أما إذا كان يبحث عن كتب بحثية لموضوع محدد، فقد يمضي يوما كاملا دون أن يحصل على بغيته، وكل ناشر يحيله إلى ناشر آخر دون أن يحدد موقعه على أرض المعرض، وهو أمر مرهق خاصة بالنسبة لرواد المعرض من خارج مصر، أما رواده من داخل مصر فالأمر أكثر سهولة لسببين، أولهما أن ترددهم غالبا ما يكون على دور النشر المصرية الحكومية لرخص أسعارها، وثانيهما أن دور النشر المصرية هي الأقرب إلى رواد المعرض من حيث قربها وكثرتها. أما أسعار دور النشر العربية فهي ليست في متناول المثقف المصري بصفة عامة لارتفاعها الفاحش. هذه الفوضى التي تعم أرجاء معرض القاهرة الدولي للكتاب وبعد مضي إحدى وأربعين سنة على تنظيمه، وهي تجربة كفيلة بأن تمنحه الكثير من التنظيم، أقول إن هذه الفوضى هي التي دعت رئيس اتحاد الناشرين الدولي هيرمن سبرويت في تصريح لجريدة «الشروق» المصرية (عدد 1 فبراير 2009) إلى القول: إن المعارض الدولية ينبغي أن تكون لها آلية منظمة، وأقول دائما إن الطموحات لا تصنع وحدها معرضا دوليا، ومعرض القاهرة محلي جيد لكنه ليس دوليا ويضيف في فرنسا ولندن وطوكيو تنظم المعارض شركات محترفة متخصصة بالتعاون مع الناشرين، وهذا ما يحدث في فرانكفورت الذي تنظمه جهة متخصصة، وفيما يتعلق بمصر لدي ثلاثة مقترحات، الأول أن يظل المعرض على وضعه الحالي أي تنظمه الحكومة، والثاني إسناد المسئولية لمحترفي تنظيم المعارض، والثالث أن يصنع الناشرون معرضا دوليا خاصا بالتوازي مع معرض القاهرة. هذه رؤية خبير في معارض الكتب يمكن أن تحقق لمعرض القاهرة المزيد من الشهرة والإقبال، وهي مقترحات منفذة في بعض دول الخليج التي بدأت تجربتها في معارض الكتب متأخرة نسبيا حين مقارنتها بتجربة مصر في هذا المجال، ومع ذلك فإن معرض القاهرة الدولي للكتاب سيظل كما قلنا محل اهتمام الناشرين والمثقفين العرب في مصر وخارجها.