انتهت حرب السلاح وبدأت حرب القضايا والقوانين بعد 22 يوماً على حرب غزة .. إسرائيل بدأت تشكل فريقا من المحامين والقضائيين للاستعداد لمعركة قانونية طويلة في المحافل والدول الأوروبية. وبدأ قانونيون وقضاة وناشطون سياسيون وحقوقيون في جميع دول العالم وفي أوروبا وآسيا في جمع الأدلة وتوثيقها وتحضيرها لرفعها والدفع بها إلى المحاكم الدولية في أوروبا للملاحقة القانونية لزعماء إسرائيليين والضباط والجنود الذي شاركوا في حرب غزة وأمطروا سماءها بالفوسفور الأبيض المحرم دولياً والقنابل العنقودية والانشطارية واستخدموا اليورانيوم المنضب الممنوع دولياً, الذي استخدم في ضرب التجمعات السكنية والمباني المدنية في البيوت والمساجد والمدارس والمخيمات. العرب على غير العادة تحركوا قضائياً وبدأ ناشطون في حقوق الإنسان ومنظمات مدنية, في جمع الأدلة وتوثيق جرائم الحرب بالصور الفوتوغرافية وأفلام الفيديو المتحركة وحفظ الأدوات والأسلحة المنفجرة والتي لم تنفجر وتسجيل وقائع الحرب وجمع قصاصات الصحف الإسرائيلية وتصريحات السياسيين والعسكريين الإسرائيليين لوسائل الإعلام, وجمع مقاطع الفيديو من الإنترنت لتكون قرائن وأدلة لتقديمها إلى المحاكم العالمية والمطالبة بمحاكمة القادة السياسيين والعسكريين بصفتهم مجرمي حرب ومقاضاتهم قانونياً بالقصاص والتعويضات. الذي يخيف إسرائيل أن أطراف القضية ليست حكومات عربية ضد حكومة إسرائيل إنما أفراد تضرروا من الحرب مقابل قيادات بعينها قامت بتنفيذ العمليات الإجرامية. كانت إسرائيل فيما مضى تفعل جرائمها في الأرياف والحقول والقرى وحتى المدن, آخرها جنين, وسط صمت العالم, وفي غزة 2009 تحرك الرأي العام والجماهير وتحركت المنظمات الحقوقية وتحرك الناشطون في حقوق الإنسان والقضاة والمحامون والإعلاميون وأصبح الإنترنت الوعاء والوسيلة لرصد وفضح الجيش الإسرائيلي وفضح القادة السياسيين, لأن ناشطين وأطباء ودبلوماسيين أسهموا في توثيق تلك الجرائم بكاميراتهم وجوالاتهم ساعة وقوع الجريمة .. لذا فإن العرب أمامهم معركة قضائية ومطاردات قانونية شخصية ومنظمات وحكومات ستغير من واقع الصراع العربي الذي كان يفر فيه المجرم من وجه العدالة كما حدث في مذبحتين منذ عام 2006, هما جنين في فلسطين وقانا في لبنان, دون أن تفلح الضحية في أن تقتص من جلادها.