في اللقاء السابق مع سعادتكم أجبتم على سؤال عن قابلية أساتذة الجامعات من السعوديين لإجراء البحوث العلمية وقد تضمن جوابكم أن لدى غالبية الأساتذة السعوديين قابلية ورغبة واستعداد وقد حقق البعض منهم إنجازات علمية وطبية وهندسية وبراءات اختراع في بعض الجامعات ومن بينها جامعة الملك فهد بالظهران ، وبالإمكان إضافة جامعة الملك سعود وجامعة الملك عبد العزيز ومستشفى الملك فيصل التخصصي وبعض الكليات في الجامعات الأخرى والمدن الطبية في الحرس الوطني و غيرها من البحوث النظرية الاقتصادية والإدارية والإنسانية ، ولكنكم رأيتم تأجيل الإجابة على السؤال التالي : سؤال: ما معوقات البحث العلمي في الجامعات السعودية ؟؟! فما رأي سعادتكم وفقكم الله ؟ . جواب : فكرت كثيرا في الإجابة على هذا السؤال واتضح لي أن معوقات البحث العلمي في جامعاتنا عديدة ويمكن تصنيفها الى : ( 1- معوقات ذاتية ، 2 - ومعوقات فنية علمية ، 3- ومعوقات أدارية أجرائية ، 4- ومعوقات تمويلية ) ، فأما المعوقات الذاتية فمنها : معوقات نفسية ناشئة عن الشعور بعدم الرغبة نتيجة الجهل بإجراء البحوث التطبيقية والتجريبىة والاستكشافية وسواها من البحوث النظرية لعدم وجود برامج للتدريب عليها في الجامعات فيتنامى الميل الى الكسل والراحة عند البعض من الأساتذة والانتماء الى الرفقاء الذين يمارسون قتل وقتهم واستنزاف طاقاتهم في لعبة البالوت وأخواتها من الألعاب على الورق بادمان كبير، ولكن رغم ذلك يوجد عدد من الأساتذة الأكفاء الذين يسعون بكل نشاط وطموح لتطوير مهارات البحث لديهم لاجراء أبحاثهم ، ويتأثر بعض أساتذة الجامعات بالجو الاجتماعي الأسري والظروف العائلية ، و كذا العلاقات السلبية السائدة في محيط الجامعة غير المحفزة وغير المشجعة مما يؤدي الى الاحباط النفسي والملل واضعاف دافعية اجراء البحوث العلمية ، وقد تكون أجواء الجامعة مثبطة للهمم حينما تسود الصراعات والتوترات العلاقات بين الزملاء في الكلية ، أو العلاقات بينهم وبين ادارة الجامعة وانتشار ظاهرة المحسوبية على حساب الكفاءة العلمية والجدارة في اسناد المناصب القيادية والترقيات فضلا عن ظاهرة القيل والقال وافرازاتها كالنميمة والاشاعات المغرضة . أما المعوقات الفنية والعلمية فمنها : افتقار الجامعة الى المعامل والمختبرات الحديثة الكافية لاجراء البحوث العلمية ، وعدم توفيرها حسب طلب الباحثين من الأساتذة بما يلبي متطلبات كل باحث و بما يقتضيه البحث وعدم صيانتها الفورية اذا تعطلت الأدوات والوسائل والأجهزة الموجود منها ، فضلا عن عدم وجود مراكز أو معاهد للبحوث العلمية في الجامعات لرعاية الباحثين من الأساتذة والطلبة وارشادهم وتوفير متطلبات بحوثهم ومساعدتهم فنيا وعلميا باستثناء جامعة الملك فهد بالظهران ، حيث قدم المعهد الكثير من البحوث وحصل على البراءات مما دفع رجال الأعمال الى دعم البحوث العلمية في هذه الجامعة بعشرات الملايين وانشاء كراسي علمية متخصصة ، وكذلك جامعة الملك سعود وغيرها من الجامعات التي تقدم تخصصات ذات أهمية علمية وطبية .أما المعوقات الادارية الاجرائية : فيعود بعضها الى الجامعة وأنظمتها واجراءاتها الروتينية المعيقة للبحث العلمي ، كما تعود بعض المعوقات الى المؤسسات والدوائر الحكومية التي تخشى من اجراء البحوث فيها وتضع العراقيل الروتينية أمام الباحثين خوفا من كشف بعض الأمور السلبية التي تتكتم عليها ، رغم ان اجراء البحوث فيها والكشف عن ايجابياتها وسلبياتها يعينها على التغيير والتطوير في كلتا الحالتين . وبالنسبة للمعوقات التمويلية : فما من شك أن الاعتمادات المالية المخصصة في السنوات الأخيرة للبحوث العلمية ليست كافية لتمويل البحوث التطبيقية والتجريبية والعلمية والطبية والاستكشافية والميدانية ، و رغم أهميتها القصوى ونتائجها الايجابية المتوقعة فانها لم تنل حظها من التمويل المالي الكافي لمتطلباتها الضخمة ، وبالنسبة لميزانية هذا العام 1430 ه 2009م فلم تتضح الاعتمادات المالية المخصصة للبحث العلمي ، وينبغي أن نستفيد من خبرات الدول المتقدمة في تمويلها للبحث العلمي ومعرفة ميزانيتها لكي نحذو حذوها عن معرفة يقينية وليست تقديرات افتراضية . سؤال : ماذا توصون به للتغلب على معوقات البحث العلمي في الجامعات السعودية ؟؟! جواب : أقترح انشاء معهد للبحوث العلمية في كل جامعة للاشراف على البحث العلمي في الجامعة واعتماد ميزانية تمويلية خاصة له ومستقلة ، وفتح المجال أمام الاجهزة الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص لتمويل البحوث التي تطلب اجراءها ، وتطوير أنظمة الجامعات الادارية والمالية وازالة العقبات الروتينية المعوقة ، وتطبيق معايير الجودة الشاملة في كل جامعة . شكرا يا سعادة الأستاذ ، والى لقاء آخر لمناقشة المزيد من القضايا الحيوية التي تهم جامعاتنا ، وفقكم الله تعالى الى الخير وأعانكم. [email protected]