أصبحت (ويكيبيديا)، التي تعتبر أكثر الموسوعات ديمقراطية، ساحة معركة جديدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين . فالموسوعة التي يتم الدخول إلى ما يقارب 360 مليون صفحة منها على الإنترنت يوميا، تسمح لأي شخصٍ على الأغلب بكتابة موضوعات فيها. وبسبب ملايين القراء، كان على إسرائيل توقيع عقود مع شركات علاقات عامة تقوم بتحديث كل ما يتعلق بالجيش الإسرائيلي وأحداث غزة بشكل يتوافق مع الرؤية الإسرائيلية . المتتبع للمعلومات الواردة باللغة الإنجليزية مختلف عنها في اللغة العربية، حيث تعتمد المعلومات بالإنجليزية على تكنيك قصف القارئ يكمية من المعلومات والروابط التي تربك عملية القراءة وتحول التفاصيل الإنسانية إلى كم من الإتفاقيات الدولية والمواثيق القانونية. كانت الشركات العملاقة هي أوائل من تنبه إلى أهمية موسوعة "ويكيبيديا" التي أخذت تنمو على غفلة من صانعي بزنس الإنترنت لتظهر قوتها كموسوعة ديمقراطية لكل إنسان الحق في الدخول وتعديل المعلومات، لذلك تبدو المسألة أن من يتفرغ أكثر لتحرير المعلومات، فإن له السيطرة الأكبر على معلومات المستقبل وروابط البحث التي تظهر في جوجل . ولأهمية ذلك، قامت مثلا شركة ماكدونالدز بتغييرات غامضة في مقالة في الموسوعة عن (ماكدونالدز كورب)، حيث قام شخص مجهول بحذف وصلة إلى موقع (إريك شلوزر) باسم (أمة الوجبات السريعة) الذي ينتقد مطاعم ماكدونالدز والممارسات العمالية، ووضع مكانه وصلة لموقع (ماكدونالدز: خلف الأقواس)، وهو كتاب غامض يغطي تاريخ الشركة بطريقةٍ غير عقلانيةٍ. من قام بعملية التحرير؟ بحسب السجل الأمريكي لأرقام الإنترنت، كشفت مجلة "فوربز" أن عنوان بروتوكول إنترنت المستخدم يعود ل(ماكدونالدز)، ويشير إلى أن من قام بالتحرير هو أحد موظفي الشركة. وحدث الأمر نفسه خلال في صفحةٍ لشركة (وول مارت) على موسوعة (ويكيبيديا)، حيث قام موظف بحذف سطر يقول إن الشركة تدفع لموظفيها نسبةً تقل 20% عن منافسيها. وجاء بدلاً من ذلك أن موظفي (وول مارت) يحصلون على ضعف الحد الأدنى للرواتب الاتحادية. ويقر متحدث باسم (وول مارت) أن مسؤولي العلاقات العامة في الشركة يقرؤون ما يكتب عن الشركة في (ويكيبيديا)، لكن الشركة لم تشجع موظفيها أبدًا على تحرير الصفحة. أما (ماكدونالدز) فتقول إنها لا توجد لديها سياسة حول موسوعة (ويكيبديا). ولا تستمر مثل هذه الأمور لفترةٍ طويلةٍ على صفحات الموسوعة، وذلك أن المتطوعين العاملين في الموسوعة يطبقون سياسةً حياديةً ويشجعون المستخدمين على حذف أي معلوماتٍ متحيزةٍ. وقد تم استرجاع صفحة (ماكدونالدز) وتم إدخال سطر حول انخفاض أجور (وول مارت)، ومن ثم تم نقل السطر إلى مقالةٍ في الموسوعة مخصصة لنقاد (وول مارت). إلا أن ذلك لا يحدث في الشأن السياسي، لأن العالم العربي تنقصه الهمة والإرادة في متابعة قضاياة في الساحة الدولية .