يشكل كتاب الباحث العراقي احمد عبد المجيد عن الدعاية الامريكية وعلاقتها بالاجتياح الامريكي للعراق دراسة مفصلة ارادها صاحبها ان تكون كشفا عن اعتماد اساليب مختلفة لاحداث اثر نفسي محلي ودولي قد تكون نتائجه كافية او يمهد للعمل العسكري الذي قد يأتي لاحقا. وبعد التمهيد للموضوع بتناول قضية الدعاية عامة ومنزلتها في السياسة الامريكية وأثرها في خدمة غايات الدولة الكبرى ينتقل الى تطبيق ذلك على قضية الغزو الامريكي للعراق. يقول احمد عبد المجيد في مقدمة الكتاب ان الدعاية الامريكية تتولى مهمة التمهيد لاسقاط اعتى الانظمة في العالم وتشرع فيالقها في عملية قصف مكثف بالمعلومات والافكار والحجج لتسويغ اي عمل عسكري معلن او سري. وتحفل اوراق البنتاجون (وزارة الدفاع الامريكية) والسي.اي.ايه (وكالة المخابرات المركزية الامريكية) بالقصص والوقائع التي تكشف الاساليب التي اعتمدتها الولاياتالمتحدة في حروبها ضد بعض الدول وحكوماتها وجهود خبرائها في تحييدها او كسب تأييدها ازاء محتلف القضايا.. اما عنوان كتاب احمد عبد المجيد فهو (استمالة العاطفة .. فيالق الدعاية الامريكية التي مهدت لغزو العراق).الكتاب الذي صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر جاء في 230 صفحة كبيرة القطع بينها 15 صفحة للمصادر والمراجع ومن هذه الصفحات صفحتان لمؤلفات وكتابات باللغة الانجليزية. وقال الباحث العراقي "وتتقدم حرب الدعاية على ما عداها في مخطط الولاياتالمتحدة بشأن ما يعرف بتأمين مصالحها القومية التي تتوزع على البحار والمحيطات ومناطق شاسعة من اليابسة. وبمقدار ما كانت هذه الحرب فعالة وتحقق اهدافها بالوسائل الاتصالية المعروفة فانها نأت بالولايات المتحدة عن استخدام الخيار العسكري في حالات لا تحصى مكتفية بالتراشق الاعلامي والاستهداف المعلوماتي وهو ما طبع الحرب الباردة في الحقبة الماضية بكثير من معالم هذه السمة) وأضاف "واذا كانت الولاياتالمتحدة قد عمدت الى اللجوء الى شن الحرب الجسدية في بعض المواقع فان ذلك لا يعني فشلها في ادارة حرب الدعاية نتيجة هزيمة على الارض بل هي في الواقع تكون قد انجزت ما تتطلبه صفحة من صفحات الحرب العسكرية بمقدمات نفسية او عقلية للاستحواذ على التأييد المطلوب لخطوتها التالية...) وقال ان ذلك يأتي (انطلاقا من جملة تداعيات تنجم عن هجوم الدعاية الذي تشترك فيه جوقات سياسية ومراكز بحوث اعلامية ومؤسسات استطلاع رأي وصناديق تتخفى بهيئة مساعدات تنموية وانسانية وغيرها...) وقد تناول الكتاب ما اسماه محاولة لتحليل (التضمينات العاطفية للدعاية الامريكية منذ عام 1998 التي شكلت مقدمة بارزة ومشهدا عريضا مهد لاسقاط اكثر الانظمة قوة في المنطقة وأعرقها في ادارة دفة الحكم... لقد كانت الساحة العراقية مسرحا لانماط من هذه المحاولات التي توجت بالغزو العسكري واجتياح بغداد في ابريل نيسان 2003 ) ومن المواد العديدة التي عالجها الكتاب واستخلص منها نتائج ما اورده في نطاق ما اسماه الاساليب المكررة للدعاية الامريكية. ومن ذلك مثلا (اسلوب التخويف الذي احتل... المرتبة الاولى بين الاساليب التي اكدت عليها تصريحات المسؤولين الامريكيين حول العراق حيث حصل على 156 تكرارا وبنسبة... بلغت 26ر29 في المئة من مجمل التكرارات البالغ عددها 533 تكرارا... وقد اعتمدت مجموعة من العناصر لتحقيق هذا الاسلوب...) وياتي بعد ذلك (اسلوب حصر العداء// الذي احتل المرتبة الثانية بين اساليب الدعاية تلك. وجرى هنا اعتماد //اظهار العداء للعراق مجسدا بشخص الرئيس الراحل صدام حسين وانهاء ازمات المنطقة بسقوطه...) ومن الاساليب اسلوب الاثارةالذي وصفه الكتاب بانه من الاساليب السائدة في الدعاية... ويهدف هذا الاسلوب الى الصاق النقائص بالعدو واتهامه بالافعال التي اتهم بارتكابها... ويهدف هذا الاسلوب ايضا الى اثارة الانفعالات والعواطف... وهناك ايضا سلوب اللف والدوران الذي وصف بانه اسلوب قديم يهدف الى التكتم او تفادي الانظار او التحسب لامر ما من قبل الجهة التي توجه اليها الدعاية. ومنها ايضا اسلوب المبالغة وذلك في اطار تشويه صورة العراق وتبرير الحرب عليه. ومن الاساليب اسلوب التقليل من الاهمية و اسلوب الوعد والوعيد واسلوب السخرية وذلك لرفع المعنويات والتقليل من اهمية الحدث واثارة الشكوك لدى اصحابه... وتوصل الباحث في ختام كتابه الى نتائج تحليل المضمون فأورد منها 19 نتيجة من ابرزها مثلا قوله سعت الدعاية الامريكية الى التأثير النفسي عن طريق خلق نمط مقولب واسع مترامي الاطراف وهو نمط الاعجاب بالنموذج الامريكي وجعله مرتبطا بالمستوى الادنى من الطبيعة البشرية وذلك من حيث التأثير على الجانب العاطفي... ومنها صرف انظار الرأي العام عن الترسانة النووية لاسرائيل من خلال رفض قبول تأكيد العراق تدمير اسلحته النووية... ومن النتائج اشاعة اليأس من امكانية تحسين الوضع الاقتصادي للعراق والمعاشي للمواطنين من خلال التأكيد على ان الحظر الدولي سيظل مفروضا طالما ان الرئيس العراقي يقود السلطة... الايحاء بأن الولايات المتحدة تتحمل واجب حماية شعوب العالم من اسلحة الدمار الشامل... وايضا العمل على التقليل من اهمية اية مقاومة يبديها العراق ضد الولاياتالمتحدة و العمل على اخفاء الاثار الناجمة عن استخدام الولاياتالمتحدة للاسلحة المشعة في عدوانها على العراق وانتهاكها للقوانين الانسانية العالمية ولا سيما الحق في الحياة ..