لا يمكن أن تتهم أحدا بعد الآن بأنه "سطحي"، لمجرد أنه يعبث بهاتفه الجوال طوال اليوم. عليك القول حينها:"ما شاء الله.. مثقف", حتى لو كان منزله يخلو من أي كتاب. يمكن التنبؤ بهذا بعدما كشف الكاتب السعودي محمد الرطيان ل (عناوين) عن مفاوضات تجري معه لإصدار أول رواية سعودية يتم بثها عبر الهواتف الجوالة، تتحدث عن قصة حب تجري أحداثها بين مريض وطبيبة في مستشفى حكومي غربي السعودية . وتحاول المكالمات الماراثونية التي يجريها الرطيان مع وسيط يعمل في قطاع النشر، الوصول إلى صيغة مكثفة من الأحداث لأول رواية محلية يقرؤها السعوديون عبر جوالاتهم. يقول المؤلف الهاتفي الرطيان: ستكون الرواية مكونة من 5000 آلاف كلمة يتم إرسالها على شكل حلقات SMS يوميا.. مكتوبة بقوالب اعتادها مستخدم الجوال مثل: الوجوه الضاحكة والحزينة وبعد التشكيلات الأخرى التي يتم فيها استخدام النقطة والفاصلة". في الرواية الهاتفية، لا مجال للغة الإنشائية، ستكون الأحداث سيدة الموقف "دون كثرة هرجة" على حد وصف الرطيان. وتأتي التجربة التي تقودها دار نشر عربية مع شركة اتصالات فضلت عدم الكشف عن اسمها، بعد التجربة اليابانية في بيع الروايات عبر الهواتف النقالة، التي احتلت 5 روايات منها قائمة الأكثر مبيعا في طوكيو عام 2007 بعد طبعها في كتاب. وفي اليابان، يوجد موقع "ماهو"الذي يعمل كمنصة للروايات المخصصة للهواتف النقالة، حيث يقدم مليون رواية قابلة للتحميل على الموبايل. وتقول الشركة في تقرير بثته CNN : إن الموقع استطاع تسجيل 3 مليارات زيارة شهريا، إلى جانب 6 ملايين شخص سجلوا بياناتهم رسميا كزبائن دائمين. بالنسبة إلى الرطيان، فإن العربي سواء كان قارئا لكتاب، أو موبايل، أو حتى "قارئ فنجان"، فإنه لن يستطيع الوصول إلى مثل هذه الأرقام، إلا أن الفرصة الاستثمارية مواتية لمن يدخل السوق أولا بمنصة تقدم مئات العناوين العربية. يقول الرطيان: "سوف أقوم بتسليم الرواية الأولى خلال الفترة المقبلة، على أن يتم بعدها تسليم 3 روايات أخرى وكتاب بعنوان (فاكهة) فيه كلمات لعبت بحروفها فأصبحت لكمات". تخيل مثلا، أن قارئا اشترى كتاب (فاكهة) عبر الهاتف الجوال. سوف تصله فصوله يوميا في جمل مختصرة تقول إحداها:"لا تنحني مثل علامة الاستفهام.. قف في وجه العالم مثل علامة تعجب!". احتمالات التخيل تصبح أكثر اتساعا عندما نرى شابا وهو يقرأ رواية عبر هاتفه، وبعد أن ينتهي يسأل صديقه:"هل لديك رواية (عيال منفوحة)". سوف تصبح الهواتف النقالة مكتبات متنقلة دون رفوف، قد تضخ الجيد أو الرديء، وقد تعلم الشباب القراءة في وقت يعاني فيه الكتاب البقاء منعزلا في مكتبات أساليبها التسويقية أكثر. يشار إلى أن الياباني يوميي هوتارو هو أول من اخترع ظاهرة كتابة الرواية عبر الهواتف الجوالة، حيث كان يتميز بسرعة الضغط على أزرار الهاتف، فكتب روايته الأولى عن قصة حب بين طالب وطالبة في الثانوية العامة. إلا أن الرطيان لن يستطيع كتابتها مباشرة على جواله، لأن ذلك سيؤدي كما يقول إلى أن يقرأها السعوديون "لما نفوز في كأس العالم" على حد تعبيره. تبدو الفرصة مواتية الآن بالنسبة لشركات الاتصالات، خاصة بعدما تم طرح جهاز آي فون في السعودية، الذي تتميز شاشته بسهولة القراءة عبرها. كل شيء يبدو متاحا، ربما في الغد، يتصل حاملو الهواتف الجوالة على رقم ما، ليختاروا صوت رجل أو امرأة ، ليحكي، أو تحكي لهم حكايات ما قبل النوم.