مهنة الطوافة من المهن التي ترتبط بمواسم الحج والعمرة، مثلها مثل مهن السقاية والرفادة التي تختص بها مكةالمكرمة، واختلف المؤرّخون في تاريخ مهنة الطوافة الخاصة بأهل مكة، فقيل: إنها بدأت بمفهومها للدلالة والإرشاد الديني أثناء الحج، عندما عيّن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله عنه أميرا على الحج, ومع اتساع رقعة العالم الإسلامي، صار لحجاج البلد الواحد أمير عليهم يأتي بهم إلى الحج، وهو من أهل الفقه والدراية. ومنهم من قال: "إن هذه المهنة بدأت في عهد المماليك، وقيل في العهد العثماني"، بينما يرى آخرون أن الطوافة لم تكن طارئة على أهل مكةالمكرمة، بل إنها امتداد تاريخي منذ أن استُوطِنت الأرض المقدسة عندما هاجر إبراهيم عليه السلام مع زوجته هاجر وابنه إسماعيل، واستجاب لأمر الله له ببناء الكعبة وجعل البلد الحرام مقصد الحج، فتوارث سكان مكة القيام بهذه الخدمات، ووزعت بينهم المسؤوليات، فمنهم من كُلِّف بالسقاية والرفادة، ومنهم من قام بالحجابة والإيواء، ومنهم من كان مسؤولا عن حماية وأمن الحجيج. ويرى المؤرّخ عاتق البلادي أن مهنة الطوافة لم تكن معروفة في العهود الإسلامية السابقة، إنما مورست إبان العهد العثماني وحكمهم للبلاد العربية بما فيها الحجاز، وذلك أن سلاطينهم وكبارهم عندما كانوا يأتون إلى مكة كانوا يستعينون ببعض العلماء للقيام بمهمة الطوافة، وأخذها عنهم أهل مكة، وشرعوا بعدها بتطويف أصدقائهم ومعارفهم القادمين للحج أو العمرة، إلى أن تحوّلت في النهاية إلى مهنة. والمتابع لتاريخ مهنة الطوافة بوصفها من أهم المهن المكية، يلاحظ تأثيرا واضحا لهذه المهنة وبشكل مباشر في ثقافة المجتمع المكي، من خلال التعريف بالشخصية المكية، وبآثار مكة ومعالمها المقدسة وتراثها التاريخي والأدبي والاجتماعي لكل من قصد مكة حاجا كان أو معتمرا، كما قام المطوف بإثراء المشهد الثقافي المكي من خلال ما يأتي مع الحجاج من كتب أو إن رافقتهم شخصيات فكرية، فيكون قناة للتواصل مع أبناء مجتمعه.