يراجع المواطن كثيرا من الجهات الحكومية وهو في حالة من الكرب والتوجّس والخوف, ليس لأن الجهات الحكومية تخيف المواطنين, لكن لأنها بُليت بنوعية رديئة من الموظفين تتعامل مع المراجع كما لو كان متسوّلا أو متطفلا لا حقوق له ولا احترام أيضا. وتبحث هذه النوعية عن تعقيد الأمور لا تسهيلها؛ بتعذيب المراجعين, غير مبالية في ظل التراخي عن مساءلة أمثال هؤلاء, حتى المراجع بات على قناعة أن شكواه وتذمّره من هذه الفئة لا يخدمان موضوعه في الغالب, وقد ينعكسان سلبا عليه, على الرغم من وجود صناديق للشكاوى تزيّن مكاتب العلاقات العامة في كثير من الجهات. ولأن متاعب المراجعين ليست بالجديدة, وهي قديمة قِدَم تلك الجهات, فإن الأمل في التغيّر الإيجابي يكاد يكون محدودا إذا استمرت الإجراءات النمطية على وضعها الحالي, ومعاملات الناس تنتفخ بطلب أوراق إضافية, بعضها غير ضروري ولا يعطل إجرائيا سير المعاملات. وتبقى النقلة المنتظرة والموعودة التي ستحدث تغيّرا إيجابيا للصالح العام, المراجع والجهة على حد سواء, وتنهي عذاب المراجعين؛ وهي مكننة الأعمال كمبيوتريا, وهوما يُعرف باسم (الحكومة الإلكترونية). وعند بلوغ هذا المستوى المنتظر من خدمة المراجعين, يقابله تغيّر وتطوّر في تعاملات الموظفين وسلوك إنجازهم للأعمال؛ أكاد أجزم أن شاشة الكمبيوتر لن تكشّر في وجه المراجع, شريطة أن تكون الجهة قد فعّلت حركة معاملات الناس بالسرعة المطلوبة, وفهم المراجعون ما لهم وما عليهم.