سواء كان مذيعا محسوبا على قوى الممانعة العربية، أو مذيعة تنتمي إلى فريق الاعتدال، ينشغل الجميع صباحا بالبحث عن موقف، ولكنه ليس "سياسيا"، إنما مجرد "موقف سيارة". ففي صباح كل يوم، يبحث مشاهير قناة "العربية" عن موقف كبحثهم عن "خبر عاجل"، نظرا إلى قلة عدد مواقف السيارات قياسا بعدد العاملين في مجموعة قنوات MBC الأم، إلى جانب عاملين آخرين في مؤسسات إعلامية أخرى تجاورها. وقد شهدت (عناوين) منافسة ساخنة على "باركنغ" سعته 400 سيارة في منطقة تبلغ كثافتها البشرية 3000، إلى جانب كثافة بشرية أخرى متحركة ذهابا وإيابا توقف سيارتها لفترة وجيزة من الوقت. لذلك يبدو الأمر معتادا عندما يرى العابر هناك وجوها لامعة مثل المذيعة اللبنانية ريما مكتبي وهي تبحث طوال 45 دقيقة عن موقف لسيارتها ال "بي إم دبليو 320". في مدينة دبي للإعلام، حيث مقر مجموعة MBC التي انتقلت من لندن إليها في عام 2001، أصبح موضوع العثور على موقف مسالم لسيارة المذيع أو الصحفي، قضية "مناطقية" من الدرجة الأولى رغم تعدد خيارات الوقوف. فهناك مواقف مجانية قليلة جدا، وهناك مواقف تشترط رسوما باهظة نسبيا تبدأ من درهمين للساعة الواحدة، 5 دراهم للساعتين، و8 دراهم لثلاث ساعات، مع الحد الأقصى للوقوف والذي يصل إلى خمس ساعات مقابل 12 درهما، وإذا ما تم تجاوز المدة فإنه خلال دقائق معدودة سيجد العامل غرامة ب 150 درهما يصدرها موظف البلدية عبر جهاز حاسوبي صغير متنقل، وهو ما حدث مع (عناوين) أثناء تفقد المكان. وهناك أيضا مواقف أقل سعرا تبلغ كلفتها درهما واحدا مقابل كل ساعة, إلى جانب خدمة "الإيقاف المُرفه" الذي يطلق عليه "فاليه"، حيث يقوم شخص باستلام السيارة من العامل وإيقافها عنه مقابل 100 درهم، يضاف إليها 10 دراهم عن كل ساعة تتوقف فيها السيارة، ليكون المبلغ الإجمالي في حالة الوقوف أثناء يوم عمل كامل 180 درهما. قبل ذلك، كان هناك شركة أخرى ل "صف السيارات" تتقاضى 15 درهما لكل سيارة مهما كانت مدة الوقوف، إلا أن إدارة مدينة دبي للإعلام"الميديا سيتي"، ودون اكتراث للقضية الأولى التي يعانيها الإعلاميون في منطقة حرة ذات طبيعية استراتيجية، منحت ترخيص الخدمة لشركة أخرى دفعت أكثر. ورغم تعدد خيارات الوقوف تلك، ما زالت مساحات المواقف ضيقة جدا مقابل توسع الشركات الإعلامية العاملة هناك, وفي مقدمتهم مجموعة قنواتmbc التي تقوم بمعدل كل سنة ونصف السنة بإطلاق قناة جديدة مع عاملين جدد. لذلك عملت المجموعة من جانبها بالتدخل لحل المشكلة، فقامت بشراء باص يقوم بنقل العاملين من مواقف بعيدة إلى مبنى المجموعة وبالعكس. كما قامت مؤخرا بالاتفاق مع إدارة مدينة دبي للإعلام بتخصيص مواقف خاصة للعاملين لديها، تم منحها للموظفين بحسب طبيعة العمل الحساسة التي تقتضي الحضور في الموعد دون تأخير، ومنهم بعض المذيعين والمذيعات وكبار المحررين وسكرتارية كبار المديرين، لذلك لم يحصل جميع المذيعين والمذيعات على مواقف مخصصة بعد. في المقابل، هناك مواقف ذات نوعية خاصة يطلق عليها العاملون تحببا "جنة المواقف", التي يدخلها كبار المديرين التنفيذيين في مجموعة MBC وشركات إعلامية أخرى، التي لها بوابة كهربائية تفتح بواسطة ريموت كونترول، يتوجه بعدها المدير التنفيذي إلى موقفه الخاص. في تلك "الجنة"، لم يتم تخصيص موقف لأي من مذيعي ومذيعات "العربية" أو" MBC"، سوى للمذيع السوري مصطفى الآغا الذي يقدم برنامج "صدى الملاعب" الذي يدخل بسيارته ال "بورش كيان" بكل هدوء مقابل انهماك زملائه الآخرين في مفاوضات البحث عن "موقف" بشكل سلمي أحيانا، أو "حربي" أحيانا أخرى عند خروج إحدى السيارة تاركة فراغا تنتظره أكثر من 3 سيارات في الوقت ذاته. ومع ذلك، ورغم الاعتياد اليومي، لا يبدو الأمر كارثيا إلى هذا الحد بالنسبة لهؤلاء المشاهير، حيث تقوم سياراتهم الفارهة التي يمتلكونها بالترفيه الناعم عن الوقت القاسي، ومنهم: المذيع الرياضي السعودي بتال القوس (رانج روفر)، مقدمة نشرات الأخبار العراقية سهير القيسي (فولكس واجن طوارق)، مقدم نشرات الأخبار العماني يوسف الهوتي (جاكوار)، مقدمة برنامج "الأسواق العربية" اللبنانية صبا عودة (فولفو)، مقدم برنامج"صباح العربية" الفلسطيني محمد عبيد (فولكس واجن طوارق)، مقدم الأخبار الكويتي عادل عيدان (جيمس يوكون)، مقدم MBC السعودي علي الغفيلي (كابرس)، مقدمة MBC الأردنية علا فارس (نيسان تيدا)، مقدمة برنامج(صباح الخير يا عرب) السعودية لجين عمران(بورش كاريرا). وما زالت سيارات هؤلاء تلف وتدور بحثا عن "موقف". ربما يكون اتفاق العرب على "موقف" سياسي موحد في قضية ما، أكثر سهولة من "موقف سيارة".