لا يتحدث كثيرا فالظرف المرضي الذي ألمّ به علّمه فائدة الصمت؛ وربما كان قادرا على الحديث، لكنه فضّل الانزواء بعيدا في أطراف قرية بيرين ليواجه حياته بنفسه، متجردا من الزوجة والأولاد، مستظلا بصندقته تواسيه بضع (شويهات) تردد على مسامعه ثغاء الجوع والعطش والوحدة. يقف ثابت بن مساعد الفهمي ثابتا أمام تقلبات الزمن رغم أن عمره يتدحرج نحو السبعين، وهو لم يجد مَن يفهمه أو يؤنس وحشته أو مَن يشكو إليه حاله بعد إصابته بمرض الأكلة في أنفه منذ صغره مع عدد من أقاربه.
قامت (عناوين) بزيارته وتحدثت معه قليلا برفقة أحد أبناء القرية، لكنه لم يكن متحمسا للقاء أو الحديث أو بث همومه رغم الهدوء الذي يصم الآذان ويشعرك بالوحشة. وأصر على منع مراسلنا من تصويره، وبعد محاولات مضنية وافق على مضض على أن نختصر معه الحديث.
في بداية حديثه تبين سر غضبه من الصحفيين، فقد عمل معه أحد الإعلاميين مقابلة لإطلاع المؤسسات الخيرية على حاله قبل عدة سنوات، لكن وضعه لم يتغير ولم يطرأ عليه أي تحسين في حياته المعيشية، ولا يزال يشكو نقص المال والطعام ما جعله يشكك في أي صحفي يقوم بتصويره ويعد ذلك ضربا من العبث.
أوضح الفهمي أنه لم يتزوج ولن يتزوج أبدا لقلة النساء في ذلك الوقت، إضافة إلى ظروفه المرضية.. قائلا إنه يفضل العيش في حياة البراري رغم الخطر المحدق من الوحوش والعوادي.
سألته إن كان يرغب في شيء قبيل المغادرة، فأشار إلينا أن شاهدوا منزلي المتهالك، وقال إن كان هناك بقية من أهل الخير فليساعدوني على بناء غرفة لأن مساعدة الضمان البالغة 700 ريال لا تكفي لإطعام (شويهاتي)، فضلا عن بناء منزل.