رغم العقوبات الاقتصادية المتزايدة من الأممالمتحدة والقوى الغربية على إيران قبل سبع سنوات، إلا أنه وفي الوقت نفسه تقريباً بدأت هيئة "ستاد" التي يسيطر عليها الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي عبر سبل قانونية تمكنت من خلالها من تحقيق نمو سريع. وكانت "ستاد"، وهو الاسم الذي تعرف به الهيئة، قد جمعت مليارات الدولارات من العقارات المصادرة من مواطنين إيرانيين. وخلصت "ستاد" إلى أن ما ينقص إيران وتحتاج إليه هو المؤسسات الاقتصادية العملاقة المتعددة الأنشطة مثل تلك القائمة في كوريا الجنوبية واليابان والبرازيل والولايات المتحدة. وتكشف خارطة هيكلية عنوانها "ستاد في لمحة" أعدتها إحدى شركات ستاد في 2010، واطلعت عليها رويترز عن مقدار ما بلغته الهيئة من اتساع ونمو. فالوثيقة تبين امتلاكها حصصاً في بنوك كبرى وداراً للسمسرة وشركة للتأمين ومحطات كهرباء وشركات للطاقة والبناء ومصفاة لتكرير النفط وشركة للإسمنت ومصنع للمشروبات الغازية. كيان عملاق وكما ذكرت رويترز في الجزء الأول، أنشئت ستاد لتحقيق طموحات متواضعة في 1989 بهدف بيع وإدارة العقارات التي يفترض أن مالكيها تركوها خلال سنوات الفوضى التي أعقبت الثورة الإسلامية عام 1979، إلا أنه وفي الفترة منذ عام 2000 دخلت كل مجالات الاقتصاد تقريباً. وعندما بدأت ستاد تشعر بالضغوط كانت قد أصبحت بالفعل كياناً عملاقاً. ويتعذر حساب القيمة الإجمالية لستاد بسبب سرية حساباتها ولأن حصصها في الشركات تتغير باستمرار. لكن رويترز تمكنت من تحديد ممتلكات عقارية واستثمارات في الشركات وغيرها من الأصول تحت سيطرة ستاد قيمتها 95 مليار دولار تقريباً. ويستند هذا التقدير إلى تصريحات مسؤولي ستاد وبيانات من سوق طهران للأسهم ومواقع الشركات ومعلومات من وزارة الخزانة الأميركية. وقرابة 52 مليار دولار من هذا المبلغ في صورة عقارات، إذ صرح رئيس إدارة العقارات في ستاد في مؤتمر صحافي في 2008 بأن الوحدة العقارية في الهيئة تساوي هذا المبلغ. ويحتمل أن يكون هذا الرقم زاد أو نقص منذ ذلك الحين لأن محتوى محفظة العقارات يتغير. كبرى الشركات ووجدت رويترز أن لستاد أيضاً ملكيات في الشركات تقدر بنحو 43 مليار دولار أو أكثر، حيث قدرت وزارة الخزانة الأميركية قيمة شركة ري للاستثمار التي تسيطر عليها ستاد بمبلغ 40 مليار دولار تقريباً في 2010 وهي السنة التي سيطرت ستاد فيها على الشركة. كما اشترت ستاد من خلال شركة تابعة لها حصة نسبتها 19%، من شركة الاتصالات الإيرانية وهي كبرى شركات الاتصالات في البلاد مقابل ثلاثة مليارات دولار تقريباً. وقالت رويترز إنها حددت ما لا يقل عن 24 شركة مساهمة عامة أخرى لم ترد في قائمة عقوبات وزارة الخارجية الأميركية الأخيرة تملك فيها ستاد أو شركات تستثمر فيها ستاد حصص أقلية. وبرغم العقوبات نما الاقتصاد الإيراني بنسبة عفية تبلغ 6%، في السنتين السابقتين على أزمة 2008، المالية. وكان عاما 2009 و2010 سنتي توسع لستاد، ففي 2006 أو 2007 أجرت ستاد دراسة لاستكشاف أسباب تفوق بعض البلدان النامية على إيران في النمو. تفادي تأثير العقوبات لكن ستاد نفسها تمكنت من تفادي تأثير العقوبات المشددة التي وضعتها الأممالمتحدة والدول الغربية، وفي أكتوبر عام 2012 رفع الاتحاد الأوروبي اسم محمد مخبر رئيس ستاد من قائمة المعاقبين، وذلك بعد عامين من إدراجه ضمن قائمة الكيانات والأفراد لخاضعين للعقوبات الأوروبية. وتقول وزارة الخزانة الأميركية إن ستاد استخدمت عدة شركات سيطرت عليها في عام 2010 في تجاوز العقوبات بما في ذلك تحويل أموال من إيران إلى أوروبا وإفريقيا. وتحققت واحدة من أكبر صفقات ستاد في 2009، عندما تملكت حصة أقلية كبيرة في كبرى شركات الاتصالات الإيرانية وهي شركة تحتكر خدمات خطوط الهاتف الأرضية في إيران احتكاراً شبه كامل. لكن ممتلكات ستاد واسعة النطاق ومن ثم ظلت بعض استثماراتها بعيدة نسبياً عن التأثر بالعقوبات. ومن بينها مثلاً استثماراتها في قطاع الاتصالات الذي استثناه الغرب إلى حد بعيد من العقوبات. أرباح خيالية وحققت شركة الاتصالات الإيرانية المرتبطة بستاد في عام 2010 - وهو آخر عام تتوافر بيانات له - ربحاً صافياً قدره 1.54 مليار دولار. ويقرب نصيب ستاد من هذا الربح من 290 مليون دولار. وبرغم أن ما تملكه ستاد في شركة الاتصالات الإيرانية هو حصة أقلية فيمكن ملاحظة نفوذها على أعلى المستويات داخل الشركة. ورئيس شركة الاتصالات الإيرانية هو مصطفى سيد هاشمي الذي كان من قبل رئيس شركة إلكترونيك مبين إيران وهي شركة الإلكترونيات المملوكة لستاد. لقد تضخمت الإمبراطورية التجارية التي يسيطر عليها زعيم إيران الأعلى إلى الحد الذي صارت معه تملك شركات يعارض خامنئي منتجاتها، وكان ذلك التوسع النتيجة المباشرة لاستراتيجية قانونية جاءت من أعلى المستويات.