هدوء ونظرات خجولة وأدب يسود الجامع أثناء خطبة الجمعة.. الناس يهمسون همساً ويتعاملون مع بعضهم بغاية الأدب وهم في غاية الأناقة.. أجواء إيمانية.. هذا الجزء الوردي من الصورة.. الجانب الأسود هو ما تراه خارج الجامع من فوضى.. حينما تنقلب الشوارع المحيطة بالجامع إلى غابة، حينما تنقلب هذه العصافير والبلابل إلى نسور جارحة.. تسود لغة أخرى غير مفهومة.. مختلفة عن اللغة الموجودة قبل قليل في الجامع.. تماماً كأننا أمام حفلة تنكرية! في "تويتر" - الديوانية العالمية الشهيرة - هناك شيء مشابه إلى حد كبير.. بل أكبر.. هناك لغة جميلة مهذبة محببة للنفس البشرية أول الليل.. أدعية.. أذكار.. قيم نبيلة.. أناس مصلحون لا هم لهم سوى زرع الفضيلة واحترام القانون.. وحينما ينتصف الليل تتجلى الحالة كأجمل ما تكون.. جو إيماني.. الكل يذرف دموع التوبة.. بعضهم تشعر بأنه سيخرج إليك من الشاشة ليطبع قبلة على جبينك ويعتذر إن كان قد أساء لك يوما! بعضهم الآخر لا يكتفي بذلك.. يخيّل إليك أنه سيخرج عليك ويحملك على ظهره، ويذهب بك لدورة المياه؛ ويقف هو ممسكاً بالمنشفة، ثم يرجوك ويتوسل إليك أن تتوضأ وتصلي الوتر! أجواء حالمة هادئة.. حالات تجل عجيبة.. وعند الصباح - وما أدراك ما شروق الشمس - تطير علامات الإيمان والورع.. تتحول الرؤوس إلى رؤوس شياطين.. تنقلب الوجوه الطيبة إلى وجوه شيطانية.. سب وقذف وشتم وتخوين.. كأنك أمام مخلوقات أخرى هبطت علينا من كوكب آخر.. تدور عقارب الساعة.. يحل منتصف الليل.. يتم ارتداء الأقنعة من جديد.. تبدأ حياة أخرى لا علاقة لها بما كان يجري طيلة النهار! - هل تحولت حياتنا إلى حفلة تنكرية؟!