هذه الأرض عظيمة، صحراؤها منبت حضارات إنسانية، ومهد الرسالة المحمدية الطاهرة، ومنها خرج العرب ليحكموا جغرافية ليست ببسيطة، إنها أرضنا وليست كأي أرض، ولهذا فإن وطني على هذه الأرض عظيم، بثراء أقاليمه وإنسانه وتعددية ثقافته، ورسوخ تاريخه، ولأنه لكل السعوديين والسعوديات، سنة وشيعة وإسماعيلية دون تمييز طائفي أو عرقي، وكم فخورة بهويتي الوطنية السعودية التي أحملها أينما ذهبت وسافرت، لأنها سبقت إلى رؤية حضارية تُثبت أن الوطن للجميع دون تصنيفات، وليس فيها خانة مذهبية أو عرقية. بهذه الرؤية الحضارية سبقنا العديد من الدول التي تحمل شعارات الحرية السياسية وتزعم أن أوطانها للجميع، بينما هوية مواطنيها ما تزال تحتفظ بخانة التمييز العرقي والديني والمذهبي! هذه الخانة التي لم تستطع ثورات شعوبها التي بدأت منذ أكثر من ثلاثين سنة أن تزيلها رغم البرلمانات والانتخابات والتصويت! هذه الخانة التي ما يزال كثير من تلك الشعوب يعانون طائفيا ومذهبيا وعرقيا منها داخل أوطانهم، وما تزال تدفع ثمنا من دماء أبنائها بسبب ما عززته هذه الخانة من فرقة في وطنيتهم بعد ثوراتهم الأخيرة، التي تثبت رغم كل تلك الشعارات أنها ما تزال لديهم علامة تخلف مدني وإنساني! واليوم وكل يوم أفتخر بسعوديتي ووطني الذي هو لكل السعوديين دون تمييز أو تصنيف، نعم نحن السعوديين نعاتب ونلوم، ونخوض فيما بيننا حوارات ساخنة وصراعات فكرية، ونعم نطالب بمساءلة الفاسدين ومحاسبتهم كل يوم في صحفنا ومواقع التواصل الاجتماعي، ونعم لدينا مشاكلنا الاجتماعية والثقافية والفكرية الداخلية مثلنا مثل بقية المجتمعات الإنسانية، وننتقد بصوت عال لنعجل بعجلة الإصلاح التنموي، ولكننا نقول جميعنا بوحدة واحدة "لا" لمن يدخل فيما بيننا ويتدخل في شؤوننا، و"لا" بكل قوة وحزم لمن يمس وحدتنا وكرامة وطننا وقيادتنا، و"لا" بضربة من حديد لكل خائن ومدسوس وخبيث ينفث سمومه الحزبية والطائفية وأمراضه الأيديولوجية مهددا أمننا. إن وطني عظيم يستظل بمظلة قيادة حكيمة جمعت منذ أن أُسس على يد الملك المؤسس أناسا عاشوا شتاتا متصارعين إقليميا وقبليا تحت مظلة وحدة وطنية، وحققت في أقل من خمسين عاما من التعليم الرسمي الذي نشرته ما عجزت دول عن تحقيقه في مئات السنين، نعم، إن هذا الوطن عظيم ونفخر به ونحبّه، ونفديه بأرواحنا إذا ما أراد أحد أن يمسه. ولأن اليوم هو يوم الوطن في ترسيخ وحدته واستمرار بنائه، فهو يوم المواطن وصوته وطموحاته وآماله، يوم تؤكد فيه القيادة الحكيمة أنها أذن صاغية لصوته ورغبته في استمرار حركة التنمية التي يقودها والدنا أبو متعب أطال الله في عمره إنه يوم يؤكد فيه كل مواطن ومواطنة حقوقه بترجمة وطنه العظيم في معاشه ومسكنه وتعليمه وعلاجه، ولكي يضمن كل ذلك فمعركته الأولى مع الفساد، ولأننا في وطن عظيم، فإنه يجب أن يخلو من الفساد، ولن يكون ذلك إلا بمحاسبة "كائنا من كان"! كم أحبك يا وطني الحبيب.