أثار إطلاق جماعة الإخوان المسلمين في الأردن يوم الثلاثاء الموافق 10 فبراير العدد الأول من صحيفتها اليومية السبيل؛ جدلا واسعا على الساحة الأردنية، لتكون الصحيفة اليومية السابعة والحزبية الأولى على الساحة الأردنية. وكانت السبيل تصدر أسبوعيا منذ تأسيسها عام 1993 وتحمل توجهات الجماعة سياسيا وعقائديا. ويرى الإعلاميون الأردنيون أن دخول "السبيل" إلى ساحة المنافسة سيضيف نكهة سياسية ثالثة ممثلة بالاتجاه الإسلامي الإعلامي, إلى جانب التيارين: المحافظ المتمثل بالصحف العريقة مثل الرأي والدستور, والليبرالي المتمثل بالصحف اليومية الصادرة بعد عودة الحياة الديمقراطية إلى الأردن عام 1989 مثل العرب اليوم والغد. ولكن ما خشوه هو أن تواصل الصحيفة سياستها التي كانت تمارسها إبان صدروها كأسبوعية, والمتمثلة بحجب الرأي الآخر الذي يتعارض مع أهداف وفكر ومواقف الجماعة السياسية. وفي الوقت الذي تعتقد فيه غالبية الوسط الإعلامي الأردني نجاح الصحيفة بسبب شعبية الجماعة في الأردن, إلا أن الموافقة على صدورها كيومية قرئ بأنه مؤشر على ليونة في الموقف الرسمي تجاه الإخوان المسلمين, التي تشهد علاقتهما توترا منذ توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1994. وفي ظل تقارب حكومي وإخواني بنظر خبراء إعلاميين، فإن السوق الإعلامي الأردني يحتمل صحيفة ثامنة وتاسعة وأكثر، فالقارئ الأردني "مثقف ويحتاج إلى أن يرى وجهات النظر المختلفة ومن زوايا متعددة"، في وقت يرون في الموافقة على تحويل الصحيفة من أسبوعية إلى يومية؛ "تغيرا في موقف الحكومة السابق من الحركة الإسلامية"، ممثلة بحزب جبهة العمل الإسلامي. ويقول رئيس تحرير "السبيل" عاطف الجولاني: إن "الصحيفة وجدت ليس لتنافس فقط وإنما لتقدم منتجا نوعيا مميزا، لا سيما وأن نكهتها كانت مألوفة للجمهور وقت كانت أسبوعية". ويشير إلى أن سياسة الصحيفة ستنطوي على مصلحة الأردن والأمة"، فضلا عن المعايير المهنية وتوسيع قاعدة الحرية ورفع سقفها وتقديم صحافة جادة بنكهة مميزة. وبين الجولاني أن الحياد المطلق على أن السبيل لن تكون محايدة في قضايا الأمة كاحتلال العراق أو أفغانستان أو فلسطين والمقاومة فيها, مشيرا إلى أن صحيفته مع نبض الأمة العربية وليس ضدها. وردا على خشية بعضهم من غياب الحيادية وحجب الرأي الآخر في المولود الإعلامي الإسلامي الجديد, أكد الجولاني أن الصحيفة ستحرص على الموضوعية وتقديم وجهات النظر المختلفة. وتابع قائلا: إنه متفائل بنجاح السبيل بحلتها الجديدة والدليل تجديد قرائها المتابعين لها اشتراكاتهم السنوية. من جهته قال مدير تحرير وكالة "عمون" الإخبارية باسل العكور: إنه ضد ربط حجم السكان بعدد الصحف الموجود، والسبب من وجهة نظره أن القارئ يبحث دائما عن الأفضل وهو صاحب الحق في استمرار صحيفة من عدمه. وقال: إن دخول صحيفة يومية سابعة إلى السوق الأردنية سيعزز بكل تأكيد التنافس, كما سيرفع من سوية المهنة وسقف الحرية, مشيرا إلى أن صحيفة السبيل تمثل اتجاها حزبيا وأيدولوجيا موجودا على الساحتين السياسية والإعلامية الأردنية. من جهته، يرى المحامي الأردني أسامة البيطار أن السماح لصحيفة "السبيل" بالصدور كيومية يؤكد ثقة الأردن بتجربته الديمقراطية ونتائجها التي ستنعكس بالضرورة على مشروع التنمية الشاملة الذي أطلقه الملك عبد الله الثاني منذ توليه سلطاته الدستورية قبل عشرة اعوام. وبين أن انضمام السبيل إلى سوق الصحافة اليومية الأردنية يعزز من تعدد التوجهات حتى لو لم تتقاطع مع بعضها بعضا, ولكنها في نهاية المطاف ستقدم للقارئ خيارات متعددة بشرط توفر عنصري المصداقية والمهنية. وأكد أنه لا يتوقع أي إغلاق للصحيفة مستقبلا من قبل الحكومة، لأن القانون يمنع ذلك أولا, وثانيا أن القضاء هو فيصل أي نزاع إعلامي بين الطرفين. وتابع قوله: إن المطلوب من السبيل أن تحمل الهم الأردني وتقدم حلولا له في إطار الفكر الإسلامي الإخواني, وأن تضيف قيمة مهنية جديدة للعمل الإعلامي الأردني اليومي, وهو ما يتوقعه منها بحلتها اليومية الجديدة".