حذر سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء من إعطاء زكاة الفطر للمتسولين المنتشرين في الشوارع قائلًا لا ينبغي دفعها لمن لا يعرف كونه فقيرًا محتاجًا كما قال يجوز أداء العمرة عن المتوفى، ولا بأس بذلك، أما عن الاعتكاف في الفنادق المجاورة للحرم المكي فقال أن الاعتكاف خاص بالمسجد فقط ولكن يجوز أداء الصلاة من هذه الفنادق إذا كان المصلي يرى الإمام أو المأمومين. فيما اعتبر سماحته القائمين على القنوات الهابطة مفسدين سفلة حيث قال نحن نحذر هؤلاء القائمين على تلك القنوات الهابطة من فعلهم الشنيع هذا، ونقول لهم: اتقوا الله في أنفسكم، وفي إخوانكم المسلمين، فإنكم بفعلكم هذا تتحملون وزر أنفسكم ووزر آلاف المشاهدين الذين يشاهدون هذه المشاهد المحرمة، كما أن هذا العمل المشين إثمه عظيم وجسيم في هذا الشهر الفضيل؛ نظرًا لما يترتب عليه من الآثار السيئة على الصائمين وصدّهم عن ذكر الله وعن الصلاة وعن طاعة ربهم. جاء ذلك في حوار المدينة مع سماحته فإلى نص الحوار: * غزو القنوات الفضائية للبيوت وإعدادها العدة طوال أيام السنة لبث المسلسلات الرمضانية، ما حكم هذا العمل، وكيف ينبغي أن يتعامل الناس مع هذه المسلسلات في شهر رمضان الكريم؟
دور الشيطان
- شهر رمضان المبارك جعله الله شهر العبادة والتزكية الروحية والتقرب إلى الله تعالى بأنواع العبادات الواجبة والنفلية، كما أنه شهر يتدرب خلاله الصائم على ضبط النفس، وتزكيتها، وتهذيب أخلاقه، وترك ما كان يعمله وتعود عليه خلال الفترة الماضية من الأعمال المنكرة، والخصال الذميمة، ولكن مع الأسف الشديد والأسى البالغ نرى فئة من الناس من الذين انطمست فطرتهم، وضعف إيمانهم، وغلبت عليهم الهوى، واستولى عليهم الشيطان، يعدّون عدّتهم لهذا الشهر الكريم، ويستعدون لاستقباله بكل طاقاتهم وإمكانياتهم، وبكل شوق ولهف، ولكن ليس لصيامه وقيامه، وليس لإعانة الناس على الصيام والقيام طاعة الرحمن، ولكن لإلهاء الناس وإشغالهم عن القرآن، وصرفهم عن الطاعات، وإغراقهم في المنكرات بمشاهدة الساقطات الكاسيات العاريات، والصور الفاضحة، والمشاهد المنافية للأخلاق والخادشة للحياء، وغيرها من المشاهد المحرّمة.. وكل ذلك من خلال المسلسلات التي يبثونها خلال ليالي شهر رمضان المبارك على شاشة قنواتهم الهابطة. فيا للعجب من صنيع هؤلاء، كأنهم يريدون بصنيعهم ذلك أن يلعبوا دور شياطين الجن في إضلال عباد الله في هذا الشهر الفضيل وإلهائهم وصرفهم عن طاعة ربهم، ودعوتهم إلى الرذائل والمنكرات. فنحن أولًا نحذر هؤلاء القائمين على تلك القنوات الهابطة من فعلهم الشنيع هذا، ونقول لهم: اتقوا الله في أنفسكم، وفي إخوانكم المسلمين، فإنكم بفعلكم هذا تتحملون وزر أنفسكم ووزر آلاف المشاهدين الذين يشاهدون هذه المشاهد المحرمة، كما أن هذا العمل المشين إثمه عظيم وجسيم في هذا الشهر الفضيل؛ نظرًا لما يترتب عليه من الآثار السيئة على الصائمين وصدّهم عن ذكر الله وعن الصلاة وعن طاعة ربهم.
حرمة شهر رمضان
وثانيًا: ننصح إخواننا المسلمين بأن يتذكروا حرمة شهر رمضان، وأن لا ينساقوا مع أعمال هؤلاء المفسدين والسفلة، وأن يكفوا عن مشاهدة تلك البرامج الهابطة المفسدة التي تشغل الناس عن فعل الطاعات، وتصدهم عن ذكر الله وأعمال الخير، وهذه المسلسلات والبرامج الهابطة لا خير فيها أبدًا، فأقل أحوالها أنها تضيع أوقاتهم فيما لا فائدة فيه. وعليهم أن يشغلوا أوقاتهم في هذا الشهر الكريم بالصيام مع الكفّ عما يخلّ به من السب والشتم والغيبة والنميمة وسائر الخصال الذميمة، وبتلاوة القرآن وحفظه، والمحافظة على صلاة التراويح، وصلاة القيام، وصلة الأرحام، والأعمال التي يضاعف أجرها في هذا الشهر كإفطار الصائمين، والتصدق على الفقراء والمحتاجين، ومشاهدة البرامج النافعة الطيبة التي تخلو من المنكرات، وتدعو إلى الخير وتشجّع وتعين على فعل الطاعات والأعمال الصالحة.
رفع الأسعار
*استغلال التجار لمثل هذه المواسم ورفع الأسعار، ما الحكم في ذلك، وهل ربح التاجر لأكثر من نصف القيمة جائز؟ - لا ينبغي للتجار أن يستغلوا شهر رمضان لرفع الأسعار، بل عكس ذلك هو المطلوب، وهو أن يبقوا الأسعار على ما هي عليه، إن لم يمكنهم تخفيضها، فإن شهر رمضان شهر يضاعف فيه الأجر والمثوبة على العمل الصالح، وهو شهر المواساة، ورعاية حال الفقراء والمحتاجين. وأما الربح فلا حد له مادام في حدود المعقول، وليس فيه استغلال لحاجة الناس، ولا يليق بالتاجر المسلم أن يكون لديه جشع وطمع في زيادة أرباحه، بل ينبغي له أن يرفق بإخوانه المسلمين، ويقنع بالقليل من الربح لأجل التسهيل على إخوانه فيبارك الله له في هذا القليل، ويثيبه على نيته الصالحة، فليس المال هو كل شيء بالنسبة للمسلم، بل ما يدخره الله له من الأجر خير له، وسوف ينفعه ذلك أمام الله في يوم هو أحوج إليه من كل شيء، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. * التردد بين المساجد، حيث هناك بعض المصلين يبحثون عن مسجد صوت إمامه يكون جميلًا لكي يصلي فيه صلاة التراويح، هل في ذلك حرج؟ - الأصل أن يصلي المسلم في أقرب مسجد إليه تقام فيه التراويح، ولكن إن كان الباعث على الذهاب لمسجد آخر صوتُ إمامه جميلٌ بقصد زيادة الخشوع والتدبر فلا بأس بذلك، وأما إن كان لمجرد الاستمتاع بالصوت دون أن يقصد الخشوع في صلاته فهذا أمر لا ينبغي. * إعطاء زكاة الفطر للأشخاص المنتشرين في الشوارع، وربما كانوا من المتخلفين والمخالفين لأنظمة الإقامة، هل هذا جائز، وبخاصة أن بعضهم يأخذ الرز أو الحبوب مثلًا ثم يبيعه على أصحاب المحلات؟ - ينبغي للمسلم أن يتحرى المستحقين لدفع زكاة الفطر لهم، ومن ذلك الجهات الخيرية وجمعيات البر الرسمية المرخص لها من قبل الحكومة، ولا ينبغي دفعها لمن لا يعرف كونه فقيرًا محتاجًا.
عمرة رمضان
* ما حكم تكرار العمرة في رمضان، وما هو توجيه سماحتكم في ذلك؟ - لا شك أن العمرة في رمضان لها فضل عظيم نظرًا لشرف الزمان والمكان، ولكن لا ينبغي للمسلم أن يكرر العمرة في رمضان لما يسبب ذلك من الزحام والتضييق للذين يأتون لأول مرة لأداء العمرة من الخارج ومن الداخل، فالأفضل الاقتصارعلى عمرة واحدة، والله ذو الفضل العظيم. * أداء العمرة عن المتوفى ما حكمها؟ - يجوز أداء العمرة عن المتوفى، ولا بأس بذلك. * هناك من يعتكف في الفنادق الواقعة بجوار الحرم، ويؤدون صلاة التراويح في تلك الفنادق مع إمام الحرم، ما حكم ذلك؟ - أما الاعتكاف فهو خاص بالمسجد لقوله تعالى: (وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ). وأما الصلاة مع إمام الحرم فيجوز إذا كان المصلي يرى الإمام أو المأمومين. * ما هي الكلمة التي يوجهها سماحتكم للذين يصومون رمضان، ثم يذهبون لقضاء العيد خارج المملكة لحضور المهرجانات الغنائية؟ - يجب على المسلم الذي صام شهر رمضان أن يحافظ على الطاعة، وعلى الصلاح، وحفظ نفسه من المعاصي والمنكرات، وإن من علامات قبول العبادة المداومة عليها، وظهور آثارها الإيجابية على صاحبها بعدها. فأنصح هؤلاء بالامتناع من هذا الفعل، وأن يقضوا عيدهم بين أهلهم وفي بلدهم بعيدًا عن مواطن الشبهة والمنكرات. * ما حكم النوم في نهار رمضان والسهر في لياليه؟ - ينبغي للصائم أن يؤدي عمله وسائر واجباته في نهار رمضان كالمعتاد، وأن يكون حريصًا على أداء الفرائض وفي مقدمتها الصلاة المفروضة جماعة في المساجد، وتلاوة القرآن وغيرها من الطاعات النفلية والواجبة، وأن لا يخلد للنوم في النهار والسهر بالليل، فإن ذلك يمحو آثار الصيام الطيبة على صاحبه، ويفوت عليه الأجر والمثوبة.
المحافظة على الأوقات
* إضاعة الوقت في رمضان في مواقع التواصل الاجتماعي وأجهزة الجوال الحديثة، وفي الأسواق وغيرها، ما هي نصيحة سماحتكم لأبنائكم وبناتكم في هذا الأمر؟ - ننصح أبناءنا وبناتنا بالمحافظة على أوقاتهم والاستفادة منها فيما ينفعهم في دينهم ودنياهم، وبخاصة إن شهر رمضان شهر فضيل، والوقت فيه ثمين، والعمل الصالح فيه مضاعف، فينبغي للمسلم أن يشغل وقته بطاعة الله وأعمال البر من الصلاة، وقراءة القرآن، والذكر والتسبيح والاستغفار، وصلة الرحم، والتصدق على الفقراء والمحتاجين، والمشاركة في حلقات التحفيظ، وحضور مجالس العلم، والأنشطة المفيدة النافعة، والاستماع إلى إذاعة القرآن الكريم والاستفادة من الدروس والفتاوى وغيرها من البرامج المفيدة التي تذاع عبر هذه الإذاعة المباركة، وغيرها من الأمور التي تنفع المسلم في دينه ودنياه.
ليلة القدر
* ليلة القدر كثير من الناس يربطها بليلة سبع وعشرين، فما هو رأي سماحتكم في ذلك؟ - ليلة القدر لها فضل عظيم، ورد فضلها في كتاب الله تعالى، ووردت في بيان فضلها أحاديث وآثار كثيرة، ولكن لم يأتِ نص صحيح صريح قاطع في تعيينها، وتحديدها، ولكن ورد أنها في الأوتار من ليالي رمضان أرجى من غيرها، وأن ليلة سبع وعشرين من أرجى لياليها. والحكمة في عدم تعيين ليلة بعينها أن يجتهد المسلم في هذه الليالي كلها بالعمل الصالح والعبادة والذكر والدعاء، رجاء إدراك ليلة القدر وعظيم فضلها وجزيل ثوابها. * هل هناك أعمال يستطيع من خلالها المسلم ترقّب ليلة القدر؟ - المسلم يجتهد في هذه الليلة بجميع الأعمال الصالحة من صلاة القيام، والتهجد، وقراءة القرآن، والالتجاء إلى الله بالدعاء، والإكثار من الاستغفار، وسائر العبادات والطاعات القولية والفعلية.