لذا في أحد المستويات، كانت مناقشة "انقلاب أو ليس انقلابا" هو ما واجهته مع أحد الخبراء عند ذهابه إلى استوديو التلفزيون هذا الصباح عندما وصفها ، استخفافا الى حد ما، بأنها مسألة مؤرقة بالنسبة للمعلقين الغربيين. متى لا يكون الانقلاب انقلابا؟ لنضع السؤال في صيغة أخرى، هل يمكن أن تكون هناك مثل هذه الصيغة "انقلاب جيد" ، والذي يعني بالطبع أن ثمة صيغة مقابلة هي "انقلاب سيء"؟ وإذا كان الأمر كذلك، أين سنصنف إطاحة الجيش بالرئيس المصري محمد مرسي في هذا المعيار؟ وضمن أي نوع منهما سنصنف هذه الإطاحة؟ بيد أنها في معنى آخر قضية مهمة فعلا، إذ أنها لونت الاستجابات الأولية للحكومات الغربية الأساسية، على سبيل المثال لا الحصر حديث الرئيس الامريكي باراك أوباما عن أن الولاياتالمتحدة أبدت "قلقها العميق" من أفعال القوات المسلحة المصرية. وسيتذكر الشعب المصري ما قالته الحكومات الغربية، كما أن السياسة الأمريكية في الفترة التي سبقت قيام الجيش بالإطاحة بمرسي أظهرت نقدا حادا لكل المعسكرين المؤيد والمعارض لمرسي. وهذا الحذر انعكس أيضا في التصريحات البريطانية، على الرغم من أن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ قد وضع اصبعه على جوهر المشكلة، عندما أشار إلى الطبيعة المزدوجة للأحداث في مصر. إذ قال كان هذا "تدخلا عسكريا في نظام ديمقراطي" ولكنه قال بشكل مواز أيضا "لقد كان تدخلا يحظى بشعبيه". لذا هل سيجعل وضع هذين الجانبين معا من الأمر "انقلابا جيدا"؟ إن النظرة البراغماتية ستقتضي النظر لرؤية ما ينبثق عنه وربما تقتضي استخدام واقعية راسخة. لقد لعب الجيش المصري دورا أساسيا في السياسة قبل الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، ووقف في مركز الأحداث بعد انتفاضات الربيع العربي. وكما أظهرت هذه الأزمة الاخيرة، فقد خرج من ثكناته لفرض ما يراه مصلحة وطنية. إن ظل الجيش في السياسة المصرية لن يختفي في أي وقت قريب. وأنظر كم استغرقت عملية تهميش الجيش التركي عن قلب السياسة التركية. لا شك أنه تم إبعاد رئيس منتخب ديمقراطيا من مكتبه من قبل الجيش، وذاك ما يبدو في أي تعريف انقلابا. ولكن ثانية، دورة انتخابية واحدة، ومهما كان التوق الشعبي للتغيير، لم تجعل من مصر ديمقراطية. فهي كانت مثل العديد من البلدان الأخرى في المنطقة في الطريق نحو الديمقراطية - عبر تأسيس أدوار جديدة للمؤسسات الرئيسية في البلاد ، وتشكيل هيئات تمثيلية للمجتمع المدني. وفوق كل شيء ترسيخ عادات السلوك الديمقراطي لدى الشعب والزعماء السياسيين. ويقول بعض المحللين إن الرئيس مرسي وجد نفسه يواجه تحديا في الشوارع لأنه، بدقة، هو نفسه لم يكن قد تشرب بعادات السلوك الديمقراطي بشكل كاف. وعلى وفق هذا التفكير، كان ذلك انقلابا غير قياسي في ديمقراطية غير مكتملة جدا. وسواء كان خطأ ام صوابا، فعلى الخبراء والمؤرخين وحكومات المنطقة والدبلوماسيين في العالم أن يتعاملوا مع واقع مصر الجديدة. وكل شيء يعتمد الآن على نقل السلطة أو تجديد النظام الديمقراطي. فالقادة الغربيون قالوها بوضوح إن هذا الانتقال يجب أن يكون سريعا وشفافا وشاملا. وتظل مسائل كبرى برسم السؤال: كيف سيتم تمثيل الأخوان المسلمون في المؤسسات الجديدة؟ وكم هو حجم الدعم الشعبي الذي سينالونه؟ وبشكل حاسم ، وماهي الرسالة التي سترسلها تجربة الأخوان المصرية إلى الجماعات المشابهة في المنطقة؟ هل ستتمثل خلاصاتهم في صقل رصيدهم الديمقراطي أم تقرير أنهم فازوا بالانتخابات في مصر ولكن ببساطة سرقت السلطة منهم ، ومن ثم سيدعون إلى إعادة النظر في مجمل التزاماتهم الديمقراطية؟