قبل أشهر أرسل لي صديق رابط أغنية كورية!، توقعت أن صديقي المبهور بحضارات العالم يبحث في الغموض، أو ان لديه حسا آسيويا عجيبا، أغنية كورية وبالألوان المستفزة ولكن مميزة، من ذلك النوع الذي يبقى في الذاكرة ايقاعا ولونا! بعد أسابيع قيل: إن الأغنية الكورية حققت رقم مشاهدة عالمي تجاوز الخمسين مليونا، رقم مبهر، اليس كذلك؟، لكن قبل ثلاثة أسابيع وصل عدد المشاهدين للأغنية عبر اليوتيوب ومن 6 روابط مختلفة إلى 666 مليون مشاهدة، فيما لم يتوقف الرقم عن الازدياد! أتذكر الآن بعض مشاهيرنا من الدعاة والرياضيين الاعلاميين، هذا الرقم يبدو مرعبا مقارنة بأعداد يحتفلون بها عبركيكة خاصة أو اخبار صحفية. قبل أسبوعين التقى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، مع الفنان الكوري (بي إس واي) صاحب الأغنية الشهيرة gangnam Style والتي دخلت موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية كأكثر الأغاني مشاهدة على موقع “يوتيوب”. هذا اللقاء الذي هدف إلى مناقشة سبل العمل المشترك بشأن القضايا العالمية بين الطرفين!, استهله الأمين العام بقوله “منذ أيام قليلة قيل لي: إنني أهم رجل كوري في العالم، ولكني أعتقد أنني سأشارك هذا اللقب معك الآن”! وقد وصف المغني الكوري لقاءه ببان باللحظة الكبرى. الأسبوع الماضي حمل تجربة خاصة تمثلت في تقديم مجموعة من الشباب السعودي نسخة محلية من الأغنية العالمية “Gangnam style”، بتجسيدها رقصاً على طريقة “أبو سروال وفنيلة” الشهيرة، وفاكهة البنات السعوديات للانتقام من عجرفة وقلة أناقة الرجل السعودي في النسخة التقليدية، وقد نقلتها على تويتر، حيث اكتشفت حجما هائلا من الإعجاب! حيث ترصد الأغنية -في نسختها السعودية- بشكل لافت ب”أبو سروال وفنيلة”،كناية عن الشاب الذي لا يعير شكله الخارجي اهتماماً، ويرتدي هذا الزي حتى في غرفة النوم، حيث لا تخلو تعليقات السيدات السعوديات في المواقع الالكترونية من سخرية لاذعة للرجل السعودي في خصوصياته ايضا، في نقد مبطن لرومنسية الرجل السعودي. جانجام -اسم الأغنية الأصلية الشهيرة- جاء من اسم حي فخم في سيول معروف بمتاجره الفاخرة ومقاهيه ومطاعمه التي يرتادها المشاهير. مثل شارعي التحلية في الرياضوجده،ولكن مع الفارق طبعا..! ماذا يعنى ذلك..؟ يعنى ان العولمة في قمتها، وأغنية كورية غطت اهتمام العالم وأصبحت ظاهرة جعلت من الثقافات تمتزج بلا حدود، وحين يقلد ابو سروال وفنيلة مثل هذه الاغنية في إبداع فني- بغض النظر عن المكون- هذا يرسل رسالة واضحة الى المحلي والخصوصية انها لم تعد فوق النقد والإثارة، حيث إن الإبداع لا حد له، كما للأفكار، حيث لحرية التعبير مخرج ابدي، تحت النور وللعالم..كما وصل “ابو سروال وفنيلة” الى الامين العام للأمم المتحدة! (ناصر الصرامي - الجزيرة)