لم تكد فترة الامتحانات تنتهي، حتى دخل طلاب الثانوية العامة مرحلة توتر جديدة سببها حيرتهم بشأن الخطوة المقبلة، فهناك مَن يميل لتفضيل رغبته الشخصية ليدرس ما يحب، وهناك مَن يحسبها بمعايير السوق، فيعطي الأولوية للكليات التي تؤهله للالتحاق السريع بالوظائف. وتعبر الطالبة زينة الحيدر عن هذا التوتر قائلة إن "النظريات والأسس وطبيعة الاختبارات تنم عن "جمود في التخصصات وانعدام صلتها بواقع سوق العمل". وتضيف:"لا علاقة بين مناهجنا وسوق العمل، ولا يقتصر الوضع الراهن على التخصصات فقط، وإنما يتجاوزه إلى أساليب التعليم التي باتت بعيدة عن متطلبات السوق". وتعود الفهد لتتساءل عن مصير الطلبة"الجدد"، مستبعدة حصولهم على مقاعد جامعية بسهولة ويسر.
وتشير أنوار علي، وهي خريجة هذا العام، للمشكلة ذاتها بقولها "أنا خريجة محاسبة، ومن واقع خبرتي أقول إن هناك علاقة طفيفة ما بين التخصص وسوق العمل، فأنا أعمل حاليا في مجال المقاولات، لصعوبة الحصول على الوظيفة في المحاسبة". وتضيف:"أعتقد أن الطلبة الجدد سيواجهون المشكلة ذاتها؛ علما أنه تم الإعلان أخيرا عن تخصصات حديثة سيتم إدخالها للجامعات، وسيكون للإناث نصيب منها كالتقنيات وغيرها".
وتعد الأكاديمية أمينة البلاهدي أن تخوف الحصول على مقعد جامعي ووصعوبة الاختيار بين التخصصات المختلفة سببهما عدم وجود توافق بين متطلبات سوق العمل، وما يتهيأ له الطالب عند البدء بمواجهة التحديات"، مطالبة بخلق روح التوازن وعمل دراسة شاملة لمواجهة المشكلة ولسد الفجوة ما بين التخصص والوظيفة.
أما الدكتورة ازدهار عبد الكريم فترى أن ما يدرس في الجامعات والكليات لا يتناغم مع رغبة الخريجين في الحصول على وضع وظيفي مناسب.و تقول:"هذا غير متوافر ولن يتوافر، فالتخصصات محدودة وغير مناسبة لمستوى ما حدث من ثورة إلكترونية وتعليمية واستثمار وازدهار في شتى المجالات التنموية".
وتضيف :"نحن مازلنا نتعامل مع دراسات متجمدة حول اللغة العربية والإنجليزي وغيرها"، مشيرة إلى أن هذا هو واقع التعليم والعمل للمرأة السعودية ف"المحدودية في التخصصات، أدت إلى حصر أنواع الوظائف فكيف نحدد مصير القبول الجامعي؟".
على النقيض ترى فتيات أخريات أن الشهادة الجامعية تتيح لمَن يحصل عليها أن يعتلي عرش الوظائف، وحتى إذا لم تكن هناك علاقة بين تخصصاتهن ومتطلبات العمل، فلديهن فرصة للبحث عن مستويات وظيفية أخرى دون الالتفات إلى ماهية العمل.
بهذا المنطق تقول زهرة عبد الكريم:"يكفي أن التخصص الدراسي يمنح شعورا بالارتقاء عندما نتوجه إلى البحث عن وظيفة، مشيرة إلى أن مجال العمل المرموق يبقى مفتوحا طالما أن هناك شهادة، في حين الخبرة والمعرفة تتكونان خلال العمل. وتضيف"الخبرة بمثابة شهادة، وبهذا الحال يمكن أن يكون التخصص شيئا والخبرة شيئا آخر".