دخل مراقبو الاممالمتحدة قرية التريمسة بوسط سوريا ، السبت 14 يوليو 2012 ، بعد يومين من اعلان ناشطين ان نحو 220 شخصا قتلوا هناك بنيران طائرات هليكوبتر حربية وأفراد ميليشيا "الشبيحة" الموالين للنظام الحاكم وهو الامر الذي فجر غضبا دوليا. ووصفت الولاياتالمتحدة قادة سوريا بالقتلة بعد الهجوم الذي شنته قوات الرئيس السوري بشار الاسد على قرية والذي خلف عشرات القتلى لكن لا تزال حالة الجمود قائمة بين القوى الدولية بشأن كيفية انهاء اراقة الدماء.
وندد الامين العام للامم المتحدة بان جي مون بما وصفه مراقبو المنظمة الدولية على الارض بانه قصف "عشوائي" شمل اطلاق صواريخ من طائرات هليكوبتر على بلدة التريمسة في محافظة حماة المضطربة. وشكك في التزام الاسد بخطة السلام التي ترعاها المنظمة الدولية في سوريا.
وأكدت سوسن غوشة المتحدثة باسم الاممالمتحدة في دمشق وصول فريق المراقبين الذي ارسل الى التريمسة يوم السبت لجمع معلومات بشأن أعمال القتل التي وقعت في البلدة.
ورفضت سوريا مزاعم وقوع مذبحة وقالت ان الهجوم الذي وقع يوم الخميس كان عملية عسكرية ناجحة قتل فيها عدد كبير من "الارهابيين" ليس بينهم أي مدنيين.
واستمرت اراقة الدماء يوم السبت حيث قال المرصد السوري لحقوق الانسان المعارض الذي يقع مقره في بريطانيا ان 33 شخصا قتلوا كثيرون منهم في قصف الجيش في محافظة حمص.
وتقول روايات نشطاء المعارضة ان عدد القتلى في التريمسة يتراوح بين اكثر من 100 الى اكثر من مثلي هذا الرقم وفي الحالتين فهي واحدة من اكثر الحوادث دموية خلال الانتفاضة التي دخلت شهرها السابع عشر.
وقال رجل غير معروف في فيديو مصور يفترض انه التقط في التريمسة ونشر على الانترنت يوم السبت ان المنطقة محاطة من جميع الجهات بالدبابات والعربات المدرعة بينما تحلق الطائرات الهليكوبتر في الجو.
واضاف انهم أحرقوا الناس امام اعين اهالي المنطقة وامسكوا بالرجال وطعنوهم وكان يشير الى صدر احد الرجال ثم الى شريان في رقبته.
وتابع انه تم ذبح ابن عمه كما اقتلعوا اعين عدد من الاشخاص.
وذكرت احدى الجماعات ان مقاتلي المعارضة سارعوا بتعزيز القرية بعد تعرضها لهجوم بالمشاة والمدفعية والطيران مما ادى الى اندلاع معركة بين الجانبين استمرت سبع ساعات.
وعلى غرار النمط الذي شوهد في مناطق اخرى خلال الانتفاضة اتهم مقاتلو المعارضة ميليشيات موالية للاسد تعرف باسم الشبيحة وينتمي افرادها للاقلية الشيعية مثل الرئيس السوري باقتحام القرية التي تقطنها اغلبية سنية وقتل جيرانهم في هجوم طائفي وصفه البعض بالتطهير العرقي.
وقال ناشط من التريمسة يدعى احمد لرويترز ان هناك 60 جثة في المسجد بينها 20 جثة مجهولة الهوية. واضاف ان جثثا اخرى تتناثر في الحقول والقنوات والمنازل.
واظهر فيديو مصور على الانترنت جثث 15 شابا تغطي الدماء وجوههم وملابسهم. وكان اغلبهم يرتدون قمصانا وسراويل من الجينز. ولم يكن بينهم نساء او اطفال.
واظهرت لقطات فيديو اخرى صفوفا من الجثث الملفوفة بالاغطية والملاءات والاكفان وكانت الدماء تنزف من بعضها. وازاح احد الرجال غطاء ليكشف عن جثة محترقة. وقام رجال بدفن الجثث في حفرة.
وفي مسجد مكتظ بالنساء المكلومات والرجال المصابين بالذهول تم تجميع الجثث والتعرف عليها وتجهيزها. وكان الاطفال يخطون بحذر شديد بين الجثث التي تملأ الارض.
ونقلت الوكالة العربية السورية للانباء (سانا) عن مصدر عسكري لم تكشف عنه قوله إن هذه العملية "جرت استجابة لاستغاثات الأهالي في بلدة التريمسة بريف حماة والذين تعرضوا لمختلف أنواع الأعمال الاجرامية على يد المجموعات الإرهابية المسلحة التي نفذت عمليات قتل وترويع بحق المواطنين الآمنين وتفجير عدد من المساكن."
وبينما تلقي واشنطن باللوم في اعمال القتل على القوات الموالية للاسد قالت الصين انها تندد بشدة "بالسلوك الذي يضر بمدنيين ابرياء" لكنها لم تذكر من الذي تعتقد انه نفذ الهجوم.
وقال ليو وي مين المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في بيان مقتضب "نحث مجددا جميع الاطراف المعنية في سوريا على اتخاذ خطوات عملية والتوقف الفوري عن جميع اعمال العنف (و) العمل بجد على حماية المدنيين."
وتواصل الصين وروسيا عرقلة الجهود الغربية لفرض عقوبات اشد صرامة على سوريا او اتخاذ اي خطوة ترى الدولتان انها تدعم "تغيير النظام" في دمشق.
وتعارض روسيا اصرار الغرب على ضرورة رحيل الاسد وتقول ان عملية السلام يجب أن تأتي من داخل سوريا. وتستضيف موسكو كوفي عنان مبعوث الاممالمتحدة الخاص للسلام هذا الاسبوع في الوقت الذي سيستأنف فيه الدبلوماسيون بمجلس الامن جهودهم للحد من الخلافات بشأن تصعيد الضغوط على دمشق.
ووصف عنان الاحداث في التريمسة بانها "تذكير قاتم" بالسخرية من قرارات الاممالمتحدة الداعية للسلام وكتب رسالة الى مجلس الامن حثه فيها على معاقبة سوريا بسبب عدم التزامها.
وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند يوم السبت إنه لا يزال هناك وقت للتوصل لحل سياسي لتفادي اندلاع حرب أهلية في سوريا لكنه حث روسيا على التوقف عن عرقلة الجهود الرامية الى الاتفاق على قرار في مجلس الأمن.
وتابع خلال مقابلة بمناسبة العيد الوطني لفرنسا "أبلغت (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين بأن أسوأ شئ يمكن أن يحدث هو حرب أهلية في سوريا ومن ثم فلنعمل سويا للتوصل لحل سياسي لتفاديها. لا يزال هناك وقت."
ويقول منتقدو امتناع القوى الغربية عن شن عمل عسكري مباشر ان هذه القوى تستخدم روسيا ككبش فداء.
وقالت إيران وهي مؤيد رئيسي للاسد يوم السبت ان الامر يحتاج الى مساعدة مزيد من الاطراف في الجهود الدولية المبذولة لحل الصراع.
وقال المتحدث باسم وزير الخارجية الايراني في تعليقات نشرت في صحيفة "ايران" أنهم "مستعدون للقيام بدور مناسب في ترسيخ الاستقرار والامن في كل دول المنطقة بما فيها سوريا."
ويتسم موقف واشنطن وحلفائها العرب والاوروبيين بالتحفظ ازاء قوات المعارضة المنقسمة على نفسها لكنها تعتقد ان تراجع الدعم للاسد داخل النخبة من خلال انشاق مسؤولين كبار مؤخرا ربما يسمح مع مرور الوقت بفترة تحول سياسي دون وجود الاسد على الساحة.