أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكماً بالسجن المؤبد بحق كل من الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، ووزير داخليته حبيب العادلي، بعد إدانتهما في الاتهامات المنسوبة إليهما بقتل والتحريض على قتل المتظاهرين، خلال أحداث ثورة 25 يناير/ كانون الثاني من العام الماضي. وقررت المحكمة، التي أسدلت الستار على "محكمة القرن"، في ختام جلساتها السبت، برئاسة المستشار أحمد رفعت، تبرئة الرئيس السابق، ونجليه علاء وجمال، من تهم التربح والاستيلاء وإهدار المال العام، واستغلال النفوذ، فيما قضت ببراءة 6 من كبار مساعدي العادلي، من تهمة قتل المتظاهرين. وسادت حالة من الفوضى داخل المحكمة، قبل قليل من رفع الجلسة، تحولت إلى اشتباكات بالأيدي، مما أسفر عن وقوع عدد من الجرحى، ونقل التلفزيون المصري وقائع المحاكمة وما تلاها من اشتباكات على الهواء، وأشار إلى حدوث اشتباكات أيضاً خارج مقر المحكمة، الذي خضع لإجراءات أمنية مشددة. وبدأت وقائع الجلسة الأخيرة للمحاكمة المعروفة ب"محكمة القرن"، والتي جرت وقائعها بمقر أكاديمية الشرطة، والتي كانت في السابق تحمل اسم "أكاديمية مبارك للأمن"، بإدخال المتهمين إلى قفص الاتهام، وكما جرت العادة في الجلسات السابقة، تم إدخال الرئيس السابق إلى القفص محمولاً على سرير طبي "نقالة." وفي بداية الجلسة، طلب المستشار أحمد رفعت من الحضور التزام الهدوء، وهدد بأن هيئة المحكمة ستعتذر عن مواصلة الجلسة في حالة صدور أي تصرف من قبل الحضور، قبل أن ينادي على أسماء المتهمين واحداً تلو الآخر، حيث أجابوا جميعاً بكلمة "أفندم"، فيما عدا مبارك الذي أجاب بكلمة "موجود." وقبل النطق بالحكم، ألقى رئيس المحكمة بياناً أشاد فيه بثورة 25 يناير/ كانون الثاني من العام الماضي، والتي أنهت ما وصفه ب"الظلام"، في إشارة إلى فترة حكم مبارك، التي امتدت لنحو 30 عاماً، كما أكد حرص المحكمة على تحقيق "الحق والعدل"، منذ اللحظة الأولى لتسلم ملف القضية. وأكد المستشار أحمد رفعت أن المحكمة "أعطت كل ذي حق حقه"، مشيراً إلى أنها أتاحت لكافة المتهمين "كل وسائل الدفاع"، كما سمحت لهم بأن يبدوا أمامها كل ما يرونه للدفاع عن أنفسهم، فضلاً عن المرافعات الشفوية والمكتوبة التي قدمها فريق الدفاع عن المتهمين. وأشار رئيس المحكمة إلى أن عدد الجلسات التي عقدتها المحكمة، منذ بدء نظر القضية في الثالث من أغسطس/ آب الماضي، بلغ 49 جلسة، بإجمالي 250 ساعة، امتدت فيها أيام المرافعة إلى ما يقرب من شهرين متواليين، من 3 يناير/ كانون الثاني إلى 22 فبراير/ شباط الماضيين. وفي نهاية الجلسة، تلا المستشار أحمد رفعت الأحكام الصادرة بحق جميع المتهمين "حضورياً"، عدا المتهم "الهارب" حسين سالم، الذي صدر بحقه الحكم "غيابياً"، وتضمنت السجن المؤبد لكل من مبارك والعادلي، بعد إدانتهما بالاتهامات المنسوبة إليهما بقتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، التي أطاحت بمبارك ونظامه. كما قضت المحكمة ببراءة مساعدي حبيب العادلي الستة، وهم كل من اللواءات أحمد رمزي رئيس قوات الأمن المركزي السابق، واللواء عدلي فايد مدير مصلحة الأمن العام السابق، واللواء حسن عبد الرحمن رئيس مباحث أمن الدولة السابق، واللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة السابق، واللواء أسامة المراسي مدير أمن الجيزة السابق، واللواء عمر فرماوي مدير أمن السادس من أكتوبر السابق. وقضت المحكمة كذلك بانقضاء الدعوى الجنائية ضد كل من مبارك ونجليه جمال وعلاء، ورجل الأعمال حسين سالم، في قضية "التربح" المتمثلة في حصول مبارك ونجليه على فيلات بأسعار زهيدة من حسين سالم، مقابل تسهيل حصوله على مساحات من الأراضي بمدينة شرم الشيخ. وقد أثارت الأحكام الصادرة عن المحكمة استهجاناً لدى عدد من محاميي الدفاع عن المدعين بالحق المدني، الذين هتفوا في قاعة المحكمة، عقب النطق بالحكم "الشعب يريد تطهير القضاء"، و"باطل.. باطل"، وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن عدداً من المحامين وأقارب للضحايا اشتبكوا بالأيدي مع محامين وأقارب بعض المحكوم ببراءتهم.