شهدت الساعات القليلة الماضية عمليات طرد جماعي لسفراء وأعضاء البعثات الدبلوماسية السورية في عدد من عواصم العالم، خاصةً في الغرب وأستراليا، احتجاجاً على "مجزرة الحولة"، المتهم نظام الرئيس بشار الأسد بارتكابها، والتي أسفرت عن مقتل العشرات، بينهم عدد كبير من الأطفال. آخر الدول التي أقدمت على طرد الدبلوماسيين السوريين كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث أكدت مصادر رسمية لCNN على أن الولاياتالمتحدة انضمت للدول التي طردت السفراء والقائمين بأعمال الجمهورية السورية. وأكدت المصادر على أن تم الطلب رسمياً من القائم بالأعمال وأفراد أسرته مغادرة البلاد في مدة أقصاها 72 ساعة، لتصبح الولاياتالمتحدة بذلك الدولة الثامنة التي تقوم بهذا الإجراء رداً على مجزرة الحولة. وأصدرت سبع دول على الأقل، حتى ظهر الثلاثاء، قرارات بطرد سفراء ودبلوماسيين سوريين لديها، حيث أعلن وزير الخارجية الألماني، غيدو فيسترفيله، عن طرد السفير السوري، فيما قررت إسبانيا طرد السفير و4 دبلوماسيين آخرين، بينما اعتبرت إيطاليا السفير السوري لديها بأنه "شخص غير مرغوب فيه." أما كندا فقد أعلنت عن طرد جميع الدبلوماسيين السوريين المتواجدين في أوتاوا، بحسب ما ذكرت وزارة الخارجية الكندية الثلاثاء، لتنضم بذلك إلى كل من فرنسا وبريطانيا وأستراليا، التي أعلنت عن إجراءات مماثلة، في وقت سابق من اليوم نفسه، ولم يتضح على الفور رد فعل نظام الأسد على موجة الطرد الجماعي لمبعوثيه في تلك الدول. وكان الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، قد أعلن الثلاثاء، طرد سفيرة سوريا لدى بلاده، لمياء شكور، بعد قليل من مطالبة الخارجية الأسترالية من القائم بالأعمال السوري لديها، جودت علي، مغادرة البلاد، رداً على "مجزرة الحولة"، التي راح ضحيتها أكثر من مائة قتيل. وقالت المتحدثة باسم قصر الإليزيه إن إعلان طرد السفيرة السورية، تم بعد محادثة هاتفية أجراها هولاند مع رئيس الحكومة البريطانية، ديفيد كاميرون، ليل الاثنين. ويأتي التحرك الفرنسي بعد قليل من خطوة أسترالية مماثلة قالت فيها وزارة الخارجية إنها أخطرت القائم بالأعمال السوري بقرارها طرده خارج البلاد، برفقة دبلوماسي آخر من السفارة السورية، وذلك خلال 72 ساعة. وقال بورب كير، وزير الشؤون الخارجية الاسترالي: "يجب على الحكومة السورية ألا تتوقع أي اتصال إضافي مع أستراليا"، قبل أن تقرر الخضوع (لخطة) وقف إطلاق النار التي وضعتها الأممالمتحدة، وقبل أن تبدأ باتخاذ خطوات فعالة لتطبيق خطة المبعوث الدولي، كوفي عنان. وأضاف كير أن المجزرة التي جرت بالحولة، وأدت إلى مقتل أكثر من مائة رجل وطفل وامرأة "جريمة وحشية وبشعة"، مضيفاً: "طلبنا من القائم بالأعمال إيصال رسالة واضحة إلى دمشق، مفادها أن الاستراليين يشعرون بالغضب حيال المذبحة وسيسعون للتوصل إلى رد دولي موحد يضمن محاسبة المنفذين." ولفت كير إلى أن "الرد" الدولي قد يتضمن إحالة القضية إلى محكمة الجنايات الدولية وفرض عقوبات في مجلس الأمن تحظر تصدير الأسلحة إلى سوريا، إلى جانب حظر سفر بعض المسؤولين ومعاقبتهم مالياً. وفي لندن، قالت مصادر على صلة بوزارة الخارجية البريطانية إنه قد جرى طرد ثلاثة من الدبلوماسيين في السفارة السورية، على رأسهم القائم بالأعمال. وفي الغضون، أعلنت دمشق أن المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا، كوفي عنان، اجتمع مع الرئيس السوري بشار الأسد، بعد لقاء سابق مع وزير الخارجية، وليد المعلم. وقالت وكالة الأنباء الرسمية "سانا" إن الرئيس الأسد استقبل عنان، الذي وصل إلى دمشق الاثنين في "لحظة حرجة" من مسار الأزمة السورية، وفق ما قاله لدى وصوله إلى المطار. وكان عنان قد اجتمع مساء الاثنين بوزير الخارجية، الذي نقلت عنه الوكالة السورية قوله إنه "شرح لعنان حقيقة ما يجري في سوريا وما تتعرض له من استهداف بمختلف الوسائل لإثارة الفوضى فيها كما استعرض خطوات الإصلاح التي تقوم بها القيادة السورية في مختلف المجالات." كما أكد المعلم لعنان "مواصلة دمشق العمل ضمن خطة وأعاد التأكيد على حرص سوريا على تذليل أي عقبات قد تواجه عمل بعثة مراقبي الأممالمتحدة ضمن إطار تفويضها ودعاه إلى مواصلة وتكثيف جهوده مع الأطراف الأخرى والدول الداعمة لها والتي تعمل على إفشال مهمة عنان سواء عبر تمويل أو تسليح أو توفير الملاذ للمجموعات الإرهابية المسلحة"، على حد تعبيره. من جانبها، وجهت الخارجية السورية رسائل إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وهيئات حقوق الإنسان اتهمت فيها من وصفتها ب"المجموعات الإرهابية المسلحة" بارتكاب "جرائم في تلدو والشومرية بدم بارد ومن مسافات قريبة." واتهمت الوزارة في رسالتها "مئات المسلحين" ب"قتل عدة عائلات من المنطقة مع أطفالهم ونسائهم وشيوخهم،" وقالت إن السلطات السورية "عازمة على العثور على المجرمين قتلة الأطفال وتقديمهم للمحاكمة وعدم السماح لهم بالإفلات من العقاب." يشار إلى أن الرسالة السورية تتناقض مع اتهامات المعارضة لعناصر موالية للنظام السوري بارتكاب المجزرة التي أكدت الأممالمتحدة حصولها، مشيرة إلى أن الآثار تدل على وجود قصف مدفعي من آليات الجيش السوري النظامي.