قال نشطاء ان القوات السورية قصفت أحياء للمعارضة في مدينة حمص بالصواريخ وقذائف المورتر ، الخميس 9 فبراير 2012 ، في الوقت الذي تحاول فيه قوى عالمية منقسمة التوصل الى وسيلة لوقف العنف. وأدان الامين العام للامم المتحدة بان جي مون ضراوة هجوم القوات السورية على حمص قلب الانتفاضة التي تفجرت قبل عام تقريبا على حكم الرئيس السوري بشار الاسد والتي تزداد دموية كل يوم عن سابقه. وقال بان للصحفيين بعدما أحاط مجلس الامن الدولي بأحدث التطورات "أخشى أن الوحشية المروعة التي نشهدها في حمص حيث تقصف الاحياء المدنية بالاسلحة الثقيلة هي نذير سوء لما سيأتي من أحداث." وقال نشطاء وسكان ان المئات قتلوا خلال الاسبوع المنصرم بينما تحاول قوات الاسد القضاء على المعارضة في حمص. ومع بزوغ فجر يوم الخميس انهمرت الصواريخ وقذائف المورتر مجددا على بابا عمرو والخالدية وغيرهما من أحياء حمص وتدفقت تعزيزات مدرعة على المدينة الواقعة في شرق سوريا. وفي تصوير فيديو مؤثر بث على الانترنت ناشد طبيب سوري يجاهد من أجل علاج المصابين في مستشفى ميداني بمسجد العالم ان يوقف القتل ويرسل مساعدات. وتنامى القلق بسبب محنة المدنيين وقالت الولاياتالمتحدة انها تفكر في طرق لنقل الغذاء والدواء اليهم في خطوة ستعمق دور العالم الخارجي في صراع له أبعاد سياسية في الشرق الاوسط وسبب انقساما بين القوى العالمية. وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو قبل سفره الى الولاياتالمتحدة لاجراء محادثات بشأن سوريا انه لم يعد بمقدور بلاده الوقوف موقف المتفرج لما يحدث في سوريا. وقال ان تركيا تريد استضافة مؤتمر دولي للاتفاق بشأن سبل وقف القتل وتقديم المساعدات. وأضاف لرويترز "وضع المراقب لا يكفي" على الرغم من ان روسيا والصين حذرتا من "التدخل". ويعقد وزراء خارجية دول جامعة الدول العربية اجتماعا في القاهرة يوم الاحد. وقال بان ان الجامعة تعتزم احياء مهمة بعثة مراقبة في سوريا كانت قد علقت عملها الشهر الماضي بسبب العنف. وأعلنت الصين عن أول اتصال رسمي تقوم به مع أحد رموز المعارضة السورية الذي زار بكين الاسبوع الماضي على الرغم من فتور الصين ازاء الضغط الغربي من أجل تدخل دولي. وقالت اللجنة التنسيقية للثورة السورية ان 30 مدنيا على الاقل في حمص قتلوا صباح الخميس في قصف لاحياء تقطنها أغلبية سنية تركزت عليها هجمات القوات الحكومية التي يقودها أفراد من الاقلية العلوية التي ينتمي اليها الاسد. وطفت مثل هذه الانقسامات الطائفية على السطح مع تنامي أعمال القتل. وأظهرت لقطات بثها نشطاء من حي بابا عمرو بحمص على موقع يوتيوب لتبادل ملفات الفيديو تناثر الركام في الشارع الرئيسي في الحي وأوضحت أن منزلا واحدا على الاقل دمر. وقالوا ان القوات السورية استخدمت مدافع مضادة للطائرات لتدمير المبنى. وأظهرت اللقطات شابا يضع جثتين في شاحنة. كما ظهر ما بدا أنها أشلاء في داخل المنزل. وقال ناشط من بابا عمرو يدعى حسين نادر لرويترز "يسود صمت لاربع الى خمس دقائق وبعدها يطلق وابل اخر من قذائف الدبابات أو الصواريخ أو قذائف المورتر. "كل البيوت تضررت ولا نعرف كم عدد الاشخاص الاخرين الذين قتلوا. انهم (القوات) لا يتقدمون ويبدو انهم يرغبون في استمرار قصف حي بابا عمرو حتى يلقى جميع سكانه حتفهم." ووجه طبيب ذكر ان اسمه محمد نداء للمساعدة على موقع يوتيوب من غرفة جراحة متنقلة في مسجد. وقال الطبيب وهو واقف الى جانب جثة مغطاة بالدم على طاولة "نناشد المجتمع الدولي مساعدتنا في نقل الجرحى. ننتظر هنا موتهم في المساجد. أناشد الاممالمتحدة والمنظمات الانسانية الدولية وقف قصفنا بالصواريخ." وقالت المنظمة السورية لحقوق الانسان (سواسية) في بيان ان الهجوم الذي شنته القوات السورية على حمص هذا الاسبوع أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 300 مدني واصابة ألف بدون اضافة قتلى يوم الخميس. وقدر مسؤولون دوليون أن اجمالي عدد القتلى في سوريا منذ مارس اذار يصل الى أكثر من خمسة الاف شخص. وقال نشطاء ان هناك أحياء في حمص مازالت بدون كهرباء ولا ماء وأن الامدادات الاساسية تشح. ولم يرد تعليق من السلطات السورية التي تضع قيودا صارمة على دخول البلاد. وليس من الممكن التحقق من روايات النشطاء المحليين. وقال مازن عدي وهو شخصية بارزة في المعارضة السورية فر الى باريس منذ بضعة أسابيع ان المقاتلين الذين ينضوون تحت راية الجيش السوري الحر يقاومون ويشنون هجمات خاطفة على القوات المؤيدة للاسد في حمص. وأضاف "النظام لا يمكنه ابقاء الدبابات طويلا داخل الاحياء المعارضة لانها ستتعرض للهجوم في كمائن." وألقى دور الجيش السوري الحر الذي يضم جنودا منشقين على الجيش النظامي الضوء على تحول الانتفاضة على حكم الاسد الى تمرد مسلح على مدى الشهور القليلة الماضية. وتقع سوريا في قلب منطقة الشرق الاوسط وهي دولة حليفة لايران وبها مزيج ديني وعرقي مما جعل معارضي الاسد الدوليين يستبعدون بشدة العمل العسكري مثلما حدث في ليبيا. وواجهت روسيا والصين اللتان سمحتا للامم المتحدة بدعم العملية الجوية في ليبيا ادانة قوية من الولاياتالمتحدة وقوى أوروبية وحكومات عربية عندما استخدمتا حق النقض (الفيتو) هذا الاسبوع ضد قرار في مجلس الامن يدعو الاسد للتنحي. والاسد هو مشتر رئيسي للاسلحة الروسية ويستضيف قاعدة بحرية تعود لايام الاتحاد السوفيتي السابق. وتريد موسكو التصدي للنفوذ الامريكي والابقاء على دورها التقليدي في الشرق الاوسط. وبالنسبة للصين وروسيا فان سوريا تمثل اختبارا لجهود التصدي لما تعتبرانه تعديا من الاممالمتحدة على حرية حكومات ذات سيادة في التعامل مع المتمردين بالطريقة التي تراها مناسبة. وقال رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين الذي يخوض انتخابات الرئاسة في روسيا الشهر المقبل "ساعدهم.. انصحهم.. قيد على سبيل المثال قدرتهم على استخدام السلاح لكن لا تتدخل تحت اي ظرف." وابلغ الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان هاتفيا ان جهود البحث عن حل يجب ان تستمر لكن التدخل الاجنبي مرفوض. وتحدث الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أيضا الى ميدفيديف الليلة الماضية وقال انه على الرغم من خلافهما فانه من الضروري مواصلة الضغط على حكومة الاسد لكي تنتهي أعمال القمع. وقال مكتب ساركوزي "طلب (ساركوزي) ان تساند روسيا كليا جهود الجامعة العربية لاقناع الاسد بالتنحي لتفادي حرب أهلية تهدد سوريا واستقرار المنطقة وليسمح (ذلك) بانتقال سياسي منظم." وقال الامين العام للامم المتحدة ان التوصل الى موقف مشترك امر عاجل أكثر من أي وقت مضى. وفي انتقاد ضمني لحكومة الاسد قال بان "هذا العنف غير مقبول للبشرية... سمعنا الكثير من الوعود المنتهكة حتى خلال الساعات الاربع والعشرين الماضية." وقال مسؤولون في واشنطن انهم يعتزمون الاجتماع قريبا مع شركاء دوليين للتفكير في طريقة لوقف العنف في سوريا وتقديم المساعدات الانسانية للمدنيين الذين يتعرضون لهجمات. وصرح جاي كارني المتحدث باسم البيت الابيض بأن المحادثات التي ستشمل المجلس الوطني السوري المعارض تهدف الى مساعدة العملية "على ان تتجه نحو تحول سلمي سياسي وديمقراطي في سوريا." ومن الممكن أن تؤدي أي خطوة دولية لادخال المساعدات الانسانية الى فتح جبهة جديدة خطيرة ومعقدة في هذه الازمة