التقى وزير العدل الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى الأحد 22 يناير في واشنطن خلال زيارته الحالية للولايات المتحدة على رأس وفد حكومي رفيع نائب وزيرة الخارجية الأمريكية وليم بيرنز , ومساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان بمقر وزارة الخارجية الأمريكية في واشنطن . واستعرض معاليه الخطوات الكبيرة للمملكة العربية السعودية فيما يتعلق بالإصلاحات القضائية , مشيراً إلى العديد من الإصلاحات فيما يتعلق بالتشريعات وإجراءات التقاضي , ومنع الاتجار بالبشر , وجرائم غسل الأموال . وقال معاليه:" لدينا قضاء مستقل ومحايد, ولا يوجد لدينا قضاء استثنائي لا عسكري ولامحاكم أمن دولة بل يباشر القضاء الطبيعي النظر في كافة القضايا. وأضاف : إننا استفدنا من تجاربنا ومن الخبرات الدولية في تطوير وتحديث الجوانب التشريعية , واستطعنا أن نلاحق الجريمة ونجعلها في انحسار ؛ خاصة في مجال الإرهاب , إضافة لجرائم الاتجار بالبشر , وغسيل الأموال , وغيرها . وتناول معاليه في اللقاء الإصلاحات المتعلقة بالحريات وحقوق الإنسان عموما وحقوق المرأة على وجه الخصوص, مبينا أن أكبر ضامن لهذه الحقوق هو القضاء السعودي العادل. وأوضح معالي الدكتور محمد العيسى نحن نتميز بأن الحريات التي نؤمن بها نعتقد أن مصدرها إلهي وأنه لن يسئ للإنسان في وطننا أحد سوى إساءته هو لنفسه . وقال : إننا فخورون باحترامنا لكل التزاماتنا الإنسانية والأخلاقية والدولية ونستطيع أن نحاور في هذا بكل شفافية. وتابع الوزير قائلاً : لا ندعي الكمال المطلق أبداً فالكمال المطلق للخالق جل وعلا ، فكلنا في طريق الإصلاح والتحديث والتطوير، ونحن نمضي بثقة في هذه الإصلاحات ويكفي أننا في سنوات قليلة حققنا ما لم تحققه دول في عقود من الزمن ومن استقرأ حالتنا الوطنية وقارنها بغيرها اطلع على مسيرة استثنائية تنم عن عزيمة وصدق واستشراف للمستقبل كبير . وقال معالي الدكتور العيسى : بسبب وسطية مفاهيمنا الإسلامية ومحاربتنا لكل فكر متطرف فقد عانينا من الإرهاب الدخيل على مفاهيمنا وأفكارنا وكنا مع الأسف هدفاً له، لكن الشعب السعودي كله استعد لمحاربة هذا الفكر وهو عازم ومصمم على محاصرته وإقصائه باعتباره عنصراً غريباً على مجتمعنا الذي استقر بمفاهيمه الإسلامية الوسطية المعتدلة أكثر من قرن من الزمن دون أن يعرف هذه الآفة العالمية. وأضاف معاليه: إننا في المملكة لا نحمل أي شعار أو هوية غير اسم الإسلام بمفاهيمه الوسطية المعتدلة التي استطعنا أن نبني في بيئتها المستنيرة دولتنا الحديثة ونكون علاقات أخوية وصداقات تفاعلنا من خلالها إيجاباً في عالمنا الواسع وأن نترجم ذلك بدعوة تاريخية وغير مسبوقة أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود , حيث دعا إلى حوار الحضارات والثقافات والأديان وأنشأ لذلك مركزاً عالمياً، وقال : إن من أشد الأحكام جوراً من تعتمد في أسانيدها على طرف دون استطلاع ما لدى الطرف الآخر. وتطرق معالي وزير العدل إلى مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار الذي أكد للعالم وسطية منهج المملكة وتسامحها مع الآخر. كما أكد معاليه الاستفادة من برنامج منتدى سيادة القانون خلال الأيام الماضية من خلال الاطلاع على القضاء الأمريكي , كما تم تبادل الآراء , مثمنا الجهود المبذولة لخروج هذا المنتدى بالشكل المخطط له. وقال معاليه بخصوص القضاء في المملكة :" لدينا ثلاث سلطات , تأتي السلطة القضائية في المرتبة الأولى وذلك إيمانا من دستورنا القضائي بأن القضاء يعلو ولا يعلى عليه ", مؤكدا أن القضاء السعودي يستمد سلطته من الدستور وهو ( القرآن الكريم والسنة النبوية ). وفي رد لمعاليه حول استفسار عن وجود ملاحظات على القضاء السعودي رغم الإصلاحات قال :" أعتقد أننا بشر نخطئ وعلينا ملاحظات, ولايوجد كمال مطلق إلا لله الخالق , ولولا هذه الأخطاء وهذه الملاحظات لما عملنا وطورنا من خلال تجاوز هذه الملاحظات في خططنا , وأعتقد أن هذه الملاحظات والخطأ تشمل العالم كله ". وحول الأحكام التي يرى البعض أنها قويه وقاسية قال :" الجريمة أقسى , ولولا هذه الأحكام القوية والشجاعة والعادلة ما استطعنا أن نلاحق ونحاصر الجريمة ". ولفت معاليه النظر إلى أن الآراء حول الأحكام القضائية الصادرة تختلف وهي نسبية , مؤكدا أنه لايهم في القضاء سوى أن تكون الآراء عادلة ولاتزدوج من حكم لآخر ولا من واقعة لأخرى . من جانبه ثمن مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى السفير جيفري فيلتمان هذه الزيارة التي تعزز العلاقة بين المشرعين والطلاب والبرامج بين البلدين وترسخها فيما يصب في صالح البلدين الصديقين وشعبهما . من جهة أخرى أوضح وزير العدل خلال لقائه المسئولين في بورصة نيويورك أن إنشاء محاكم تجارية متخصصة في المملكة له الآن ربع قرن وقد قدمت هذه المحاكم سوابق قضائية قوية. وأضاف أن الميزانية العامة للدولة حرصت على رفع مستوى المعيشة للمواطن السعودي حيث ركزت على المشاريع التنموية من خلال تركيز الاعتمادات على قطاع التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية والبلدية ودعم البحث العلمي ودعم البيئة الاستثمارية. كما أضاف معاليه أن هذه البيئة مدروسة وآمنة فهي مدعومة بتشريعات وقضاء يتمتع بالكفاءة والاستقلال والحياد . وأشار الوزير إلى أن من أهم أدوات الدعم والحفز الاستثماري الاستقرار الأمني الذي تتمتع به المملكة. وبين معاليه أن المملكة تستقطب استثمارات أجنبية محمية بضمانات تشريعية وقضائية قوية ، وأن المملكة نجحت في دعم اقتصادها حتى بقي صامداً أمام أحدى أكبر الأزمات الاقتصادية التي يشهدها العالم منذ حوالي ثلاث سنوات . وقال : لدينا نظام تحكيم له ثلاثة عقود وهناك تحديث له يتوقع صدوره في الأيام القريبة القادمة، كما أن هناك مشروعاً يتعلق بإنشاء مركز تحكيم سعودي عالمي نتوقع الموافقة عليه في القريب العاجل.