سلط تقرير منظمة بريطانية الضوء على معاناة الآلاف من العراقيات تم الإتجار بهن لاستغلالهن جنسيًا، داخل وخارج العراق، منذ بداية الغزو الأميركي عام 2003. وكشف تقرير "كرامتنا" الذي أعدته حركة "التغيير الاجتماعي للتعليم في الشرق الأوسط"، وهي منظمة غير حكومية مقرها لندن، إن الضحايا يتم نقلهن إلى دول مثل سوريا، والأردن ولبنان، ودولة الإمارات ، لغاية الاستغلال الجنسي. وذكر واضعو التقرير أن ظاهرة الاتجار بالنساء تظل خافية نظراً لعدة أسباب مجتمعة، منها الفساد ومحظورات دينية وثقافية ولا مبالاة وعدم استعداد السلطات للتصدي لها. وتناول التقرير معاناة الضحايا، وبعضهن تتراوح أعمارهن ما بين عشرة إلى 12 عاماً، فالضحايا بداخل العراق ينتهي بهن المطاف للعمل بنواد ليلية أو بيوت دعارة "أسست، في المقام الأول، لملاقاة الطلب المتزايد من قبل الجنود الأمريكيين." وقالت الباحثة التي شاركت في إعداد الدراسة، إيمان أبو عطا، في جلسة استماع بمجلس اللوردات بلندن، "إن الصمت الكبير إزاء القضية كان الدافع الأكبر وراء التحقيقات التي أجرتها. وتحدثت عن تحفظات قوبلت بها تحقيقاتها لدى إثارة القضية مع السلطات البريطانية والأمريكية، ويشكل الوجود العسكري للدولتين أحد أبرز العوامل المساهمة في القضية، على حد قولها. واعترفت بوجود الاستغلال الجنسي للسيدات في العراق قبل الغزو الأميركي بفترة طويلة، ولكن الحرب وعدم الاستقرار الذي تبع الغزو أدى إلى تهيئة بيئة أصبحت فيها السيدات والفتيات الصغيرات أكثر عرضة للاتجار". وتقدر "منظمة حرية المرأة في العراق" اختفاء قرابة 4 آلاف عراقية، خُمسهن تقل أعمارهن دون سن 18 عاماً، خلال السنوات السبعة التي أعقبت الغزو الأمريكي، الذي أدى لنزوح وتهجير مئات الآلاف من العراقيين. ولا يقتصر الاتجار بالفتيات على العصابات الإجرامية فحسب، بل إن العائلات أصبحت متورطة في تلك الظاهرة بشكل كبير عن طريق بيع الفتيات وإجبارهن على الزواج، من أجل التغلب على الصعوبات الاقتصادية ولحل النزاعات وسداد الديون. من بين النماذج التي ساقها التقرير، حالة "أميرة"، 17 عاماً، والتي وافق والدها على عرض رجل للعناية بزوجته المعاقة، مقابل 200 دولار شهريًا، فبجانب القيام بالأعمال المنزلية، أُجبرت على ممارسة الجنس مع الأبن وأصدقائه. ومن الحالات الأخرى التي استشهد بها التقرير، "شذى" التي تخلى عنها والدها قرب الحدود السورية، وجرى تهريبها إلى العاصمة دمشق حيث تعرضت للاغتصاب من قبل خمسة رجال وبيعت لاحقاً لامرأة أجبرتها للعمل كعاملة جنس بناد ليلي. وفي الأثناء، قالت هوزان محمود، من "منظمة حرية المرأة في العراق" التي نشرت تقريرها الخاص عن الدعارة العام الفائت، إن الحكومة العراقية تعترض عمل الحركة وعملت دون وصولها إلى وسائل الإعلام. وحثت حكومات الدول الغربية بذل المزيد من الضغوط على نظيراتها العربية للعمل على التصدي لظاهرة الاستغلال الجنسي، وعدم إعادة طالبي اللجوء من الضحايا إلى بلادهن حيث قد يتعرضن للاستغلال مرة أخرى. كما دعت لمساهمة رجال الدين بتطويع نفوذهم لتغيير المفاهيم الاجتماعية التي تنبذ وتحط من قدر ضحايا الاستغلال الجنسي. التغيير لن يأتي بسهولة مع استعداد الرجل لدفع المال مقابل الجنس، مضيفة: "المشكلة تكمن بأن هناك طلب وسوق لهذا.. الأمر يتعلق بصناعة المال والربح."