رغم الأحداث التي تشهدها سورية منذ مارس الماضي، والتي استقطبت اهتمام العالم اجمع، الا أن تغييراً لم يطرأ على الاعلام فيها، إذ مازال يراوح مكانه مؤدياً دوره التقليدي المعروف في خدمة السلطة وتفسير سياساتها وقراراتها والترويج لانجازاتها . ولم نشهد في السنوات الأخيرة ظهور صحيفة او مجلة او محطة تلفزيونية أو اذاعية خاصة، الا اشياء محدودة، منها محطة تلفزيون «الدنيا » التي يملكها رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري بشار الاسد، سبقها تلفزيون «الشام» الذي لم يعمر غير بضعة اشهر. وأي حديث عن وسائل اعلام خاصة مستقلة عن الدولة في سورية لابد أن يتسم بالاستهجان والغرابة، سواء قبل الاحداث الجارية او خلالها، رغم اعلان الحكومة أكثر من مرة عن خطوات انفتاح تخفف كثيراً من الشروط اللازمة للحصول على ترخيص لصحيفة او مجلة او محطة تلفزيونية. ويترقب الإعلاميون اعلان قانون جديد للاعلام في سورية، يأملون ان يكون ملبياً لبعض مطالبهم وحافظاً لحقوقهم من حيث رفع سقف الحرية وتوسيع هامشها وحرية تدفق المعلومات وتبادلها وحق الوصول اليها، وإلغاء ما يسمى«الخطوط الحمراء» او تخفيفها على الاقل في ما يتعلق بحرية البث والنشر. ويقول بعض هؤلاء الاعلاميين إن هذه المطالب والحقوق مختطفة ومرهونة بيد الحكومة، او الاهواء الشخصية لمديري تحرير الصحف، سواء كانت رسمية او خاصة لترتبط في نهاية المطاف برغبة النظام وقرارته او مصالح شخصية وإعلانية، فالإعلامي السوري يرغب في ويتمنى أن يوفر له القانون الجديد الحماية من السجن او المحاكمة او يحصنه ضد التهديدات المختلفة. ويقول مدير تحرير جريدة «الاقتصادية» الخاصة علي حمرة: «اريد قانوناً يمكنني من قول الحقيقة المتوازنة وشرحها للناس وايصالها لهم ببساطة من خلال عقليات مرنة ومنفتحة وآليات عمل اعلامي متنوعة مدعمة بالخبرة»، وأن يكون هناك هامش من الجرأة في نمطية الصحافي الرسمي «المطيع او المدجّن» بخطوط حمراء كثيرة. ويقول الصحافي السوري المستقل فهد المصري الذي يراسل وسائل علام عدة، بينها التلفزيون الفرنسي إن وسائل الاعلام السورية تواجه انتقادات شديدة لعل ابرزها تبني روايات كاذبة، بهدف تضليل الرأي العام بل هي تتعمد تشويه المتظاهرين وقوى المعارضة، وإن ما يصل الى الرأي العام العربي والدولي عما يجري في سورية يراوح بين 10و20? من حقيقة ما يحدث على ارض الواقع من بشاعة وفظاعات ضد من يطالبون بالحرية والتغيير. وفي ظل استمرار النظام في منع وسائل الاعلام العربية والأجنبية من تغطية الأحداث في سورية، فإن مواقع التواصل الاجتماعي مثل ال«فيس بوك» و«تويتر» وأجهزة الهاتف المتحرك وتقنياتها لعبت دوراً في نقل ما يجري وأصبح كل متظاهر قادراً على الاسهام في ما يمكن وصفه ب «صحافة المواطن»، حيث ينقل الحدث من مكان وقوعه عبر الهاتف.