يبدو أن (الثعلب المكار) بلاتر، تجاوز أزمة انتخابات مملكة (فيفا)، بعد أن حاز رئاستها للمرة الرابعة على التوالي، مخلفا وراءه جراحات عميقة في جسم رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم، تتمثل في اتهامات كبيرة بالرشى والفساد و(خفي كان أعظم)، وطالت تلك الاتهامات ملك الفيفا نفسه السويسري سيب بلاتر؛ لكن المتابعين للموقف يؤكدون أن فوز بلاتر اشبه ما يكون ب (حبة بنادول) سكنت الآلام لفترة بيد أنه ستعود أكثر شراسة وضراوة من ذي قبل. ويستدل المتابعون للشأن الكروي العالمي على رأيهم، بأن الهم الأكبر لبلاتر خلال الفترة السابقة تمثل في الحفاظ على كرسيه، ومن ثم محاولة رأب الصدع الكروي العالمي، الذي فقد الثقة بالفيفا، وسط اتهامات بقبول رشى وبخاصة في ملف المونديال القطري لعام 2022؛ الأمر الذي دعا بلاتر إلى نفي ذلك والتأكيد عليه مرارا وتكرارا قبل الانتخابات وبعدها. ولم يجد ملك الفيفا المتوج قبل أسبوع، في نهاية العاصفة إلا أن يعترف بوجود أخطاء، عزاها إلى التصويت المتزامن لمونديالي روسيا 2018، وقطر 2022. وأكد مراقبون أن بلاتر قبل الانتخابات بساعات كان أشبه بالأسد الجريح، الذي لديه الاستعداد لأن ينهش أقرب المقربين منه، من أجل الاحتفاظ بالتاج، فقام يحارب ضد جبهات كافة من ضمنها جبهة رئيس الاتحاد الآسيوي ابن همام، وكذلك جبهة العجوز التريندادي وارنر؛ وأخيراً ضد الإعلام العالمي، الذي وقف أمامه بلاتر في تحدٍ غريب. وأمام تلك الحروب وقف المتابعون أمام لغز محيّر في معركة ابن همام / بلاتر، وتساءلوا عن السرّ الغريب "وراء انسحاب ابن همام المفاجئ من الترشيح لانتخابات الفيفا، صبيحة يوم التحقيق معه من جانب اللجنة المختصة بذلك في الاتحاد الدولي والتي حوله لها بلاتر". وكثرت الأسئلة التي يريد الشارع الرياضي إجابات شافية لها: "كيف بمرشح للرئاسة أثار الدنيا بضجيج خلال الفترة الماضية ان ينسحب فجأة خلال ساعات؟! هل تعرض ابن همام لضغوط سياسية كبيرة من دولته قطر مخافة سحب تنظيم كأس العالم منهم في حالة ثبوت الرشى؟!". غير أن أكثر الأسئلة التي فجرها الشارع الرياضي العالمي وبخاصة العربي "هل ثمة صفقة على مستوى عال تمت مع بلاتر من أجل إخفاء ملفات الرشى في مقابل انسحاب المنافس الوحيد له على رئاسة الفيفا القطري محمد بن همام". ومال رأي المتابعين نحو السؤال الأخير، مستندين للعديد من القرائن، من بينها: أولاً: انسحاب ابن همام المفاجئ الذي أكد بعض المتابعين أن وراءه قوى سياسية كبيرة في بلاده لا يستطيع مخالفتها، ثانياً: سعي بلاتر نفسه لنفي الرشى لأنه ربما يكون متورطاً هوا ذاته فيها؛ لكنه لعبها بذكاء وجعلها إحدى أوراقه الرابحة في النزال، والدليل على ذلك استغلاله لتلك الورقة في الوقت المناسب؛ إذ لم يقم بتحويل ابن همام ووارنر للتحقيق في ملف الرشى إلا قبل موعد الانتخابات ب 3 أيام فقط، ثالثا: عقوبة الإيقاف التي طالت ابن همام ووارنر مسلسل كوميدي قديم، رابعا: سكوت ابن همام ووارنر على العقوبتين بعدما أثار ضجة إعلامية قبل التحقيق بأيام، متهمين بلاتر نفسه بالفساد والرشى، وبخاصة وارنر الذي أكد أنه نزيه ويملك قنابل ستفجر الرأي العالمي، وفجأة يتم إيقافه فإذا هو "حمل وديع"، غير أنه دوره في المسلسل الكوميدي كان مهما حتى لا يكون ابن همام وحده هو "الضحية" فيثير الشبهة نحو "صفقة مشبوهة"!! وأخيراً، هل سينفذ بلاتر وعده بعد الفوز برئاسة الفيفا الذي قطعه على نفسه بتطيهر الاتحاد الدولي من الفساد وإعادة بنائه وهيكلته من جديد؟ أم هل سيحاول (قص ريش) قطر، والزج بها في متاهات سحب ملف تنظيم مونديال 2022، بلعبة جديدة من ألعابه أو بفصل جديد من فصول رواياته مثل: "عدم استكمال ما وعد به الملف، أو درجات الحرارة أو صغر مساحة الدولة... الخ"، وأخيراً (مصير مونديال قطر في يد لجنة الحلول!)، كما صرح بلاتر نفسه قبل يومين بذلك.. فالسنوات الأربع القادمة ربما تشهد "ميلودراما" تحت عنوان (مونديال قطر 2022) تأليف وإخراج سيب بلاتر!