بالتأكيد أن ما حدث ويحدث لرئيس الاتحاد الآسيوي محمد بن همام هو ما يشغل الشارع الرياضي الخليجي بل والعربي وربما العالمي خصوصاً وهو يرتبط مباشرة بانتخابات "الفيفا" التي أسدل الستار عليها قبل أيام. ومنذ أن رشح ابن همام نفسه لمنافسه بلاتر في انتخابات "الفيفا" وأخباره لا تنقطع بشكل يومي عن التواجد في وسائل الإعلام وزاد من انتشارها وكثرتها والترقب لها ما صاحبها من أحداث دراماتيكية بدأت بمنع مشاركته في اجتماع اتحادات دول الكونكاف ثم إعلان دعم الكويت له في حملته ونفي الخبر فيما بعد من الكويتيين أنفسهم وبعد ذلك التعريض بملف قطر والاتهامات التي وجهت إليه وعرض ابن همام على لجنة تحقيق الأمر الذي تسبب بالمطالبة بعرض رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جوزيف بلاتر أيضاً على لجنة تحقيق وبعدها إيقاف ابن همام واستئنافه للوقف وانتهاء بانسحابه من انتخابات الاتحاد الدولي وترك الكرسي شاغراً أمام بلاتر وحده ليفوز الأخير بالانتخابات. من يعرف رئيس الاتحاد الآسيوي جيداً أو على الأقل من لحق بانتخابات الاتحاد الآسيوي الأخيرة وعاصر إثارتها وشراستها يدرك بأن محمد بن همام ذكي وفطن ولا يمكن ان يقدم على ترشيح نفسه للانتخابات "الفيفا" عبثاً ودون أن يدرس تلك الخطوة وبالتالي فإن انسحاب ابن همام ترك استفهامات عدة لدى محبيه غير القريبين منه لأن المقربين يعرفون بالطبع أدق التفاصيل. أول تلك التساؤلات هو هل يعقل أن يمنع رئيس الاتحاد الآسيوي من المشاركة في اجتماع اتحادات دول الكونكاف بسبب عدم وجود تنسيق مسبق وعدم السماح له بدخول البلاد رغم حمله لجواز دبلوماسي بصفته رئيساً لاتحاد قاري رغم أن رئيس الاتحاد هو صديقه جاك وارنر أما التساؤل الثاني فيدور حول تلك الحملة الانتخابية الباهتة، وإذا كنا نعلم جيداً حجم الفارق بين رئاسة اتحاد قاري ورئاسة اتحاد يشرف على دول العالم أجمع فبالتأكيد يجب علينا أن نعرف الفارق بين حملتيها الانتخابيتين؛ فالحملة الآسيوية لم يترك فيها بن همام بلدا آسيوياً تقريباً إلاّ وزاره حتى الدول غير المعروفة في خارطة عالم كرة القدم بحثا عن الدعم وكسب الأصوات؛ أما الحملة الدولية فلم تشمل إلاّ ساعات في مصر ومثلها سويعات في الكويت "فشلت مهمته فيها قبل وصوله". أما التساؤل الثالث فيكمن في دخول بن همام وحده للانتخابات بعنترية ودون دعم أو حتى وجود أصوات معروفة وشهيرة تؤيده بين الحين والآخر كما يحدث لمنافسه بلاتر. وبغض النظر عن تلك التساؤلات رغم أهمية الإجابة عليها، نجد أن ابن همام في خطوته تلك فقد جل ما يملكه من حب وسمعة بسبب انتخابات الاتحاد الدولي ولم يتبق له سوى الفترة المتبقية له في رئاسة الاتحاد الآسيوي وتنظيم بلاده لنهائيات كأس العالم 2022م، وهي الأهم بالطبع ولن يوازي إقدام ابن همام على تلك الخطوة وانتحاريته فيها سوى بناء تمثال له أو تسمية شارع مهم من شوارع الدوحة باسمه حتى يتذكره من يأتي لمونديال 2022م بعد اثنتي عشر سنة. أما غير ذلك فلم يتبق لابن همام شيئاً بعد اتهامات الفساد والتي تسببت في انسحابه وحتى بالنسبة للآسيويين والعرب بات أمر التفكير في الترشح لرئاسة الاتحاد الدولي أبعد من "زحل" لأن أمراً مثل هذا تعد السمعة الطيبة مهره الأساسي؛ لذا أقول وبعد كل ما مضى إن ما حدث مؤخراً لا يتعدى قصتين فأما أن تكون الأحداث المليئة بالدراما كما هي وأن بلاتر تنكر لصديق عمره من أجل فترة رابعة وبالتالي سوق هو أو من يدعمه لفساد ابن همام الأمر الذي أدى إلى استدعائه للمثول أمام لجنة تحقيق ومن ثم انسحابه من الانتخابات. أو أن ما حدث ويحدث امتداداً لأحداث الثاني من ديسمبر الماضي وأن سقوط صورة ابن همام بهذا الشكل ورضاه بأن يكون أرنب سباق لبلاتر لم يكن سوى مهر لمونديال 2022م ولذا قلت إن تمثال ابن همام «الفدائي» وجب في الدوحة.