يواجه كثير من الطلاب السعوديين المبتعثين للدراسة سواء في بريطانيا أو في دول أخرى صورا مختلفة من الإحراج والخجل عند طلب المحاضرين أو المدرسين منهم الحديث عن أحد المجالات في السعودية سواء السياحة أو الصناعة وحتى التعليم، والأخير من أكثر المواضيع تسببا في الإحراج، وذلك لسببين رئيسين وهما عدم وجود معلومات جيدة وخاصة مرئية على الإنترنت يمكن الرجوع إليها وبالذات باللغة الإنجليزية وإن وجدت فيقف جهلهم أو قلة معرفتهم أمام كيفية الوصول إليها حيث أمضوا 12 سنة دراسية أو أكثر على مقاعد التعليم العام دون أن يقوموا بشيء بحثي مماثل بتاتا، أو بسبب آخر وهو سوء تجاربهم الدراسية وحتى إن كانت ناجحة على مستوى الدرجات، فإنه لا يمكن وصفها عموما إلا بالمملة خلال جميع مراحل تعليمهم. وعادة ما يقوم الطلاب الأجانب القادمون من جميع بلدان العالم للدراسة في بريطانيا أثناء مرحلة اللغة أو السنة التحضيرية بالجامعة بتقديم شيء عن بلادهم من خلال إعداد بحث أو تقديم عرض، حيث المقصود منه هو ممارسة الكتابة والتحدث باللغة الإنجليزية عن موضوع مألوف للطالب وهو ما يكون عادة موضوعا عاما من موطنه.
ومن الطرائف المخجلة في الوقت نفسه ما يقوله الطالب في بريطانيا حمد النافع، إنه أعد بحثا عن التعليم العام بالسعودية، وقام بإعداده بشكل جيد بما يتناسب مع الصورة الجميلة المتخيلة فقط في ذهنه، وليس على أرض الواقع، إلا أن المصيبة بنظره أن المحاضرة قامت بتشغيل الإنترنت للبحث عن مقاطع عن التعليم في كل بلد بحسب جنسيات الطلاب لكي تتم مشاهدة صور مرئية تدعم بحوث الطلاب، فشاهدوا مقاطع جميلة عن التعليم في شرق آسيا أو أوروبا، فصولا وطلابا رائعين من كوريا ومالزيا وحتى من سريلانكا وإفريقيا، وعندما حان موعد البحث عن مقطع من السعودية لم يجدوا إلا مقاطع طلاب ملثمين يرقصون بالفصول الدراسية أو طلاب ملثمين ونائمين، وبعد البحث عن شيء تعليمي آخر يمكن الاستشهاد به شاهد الجميع من الطلاب الأجانب والمحاضرة الإنجليزية طالبا سعوديا مغلقا باب الفصل وآخر يغني أمام السبورة، وآخر أمام السبورة أيضا يغني ويردد الأغاني معه الطلاب الآخرون بالفصل إلا أن النافع وبسرعة أخذ يشرح للجميع أن هذا درس عملي في الغناء الشعبي (Traditional) وذلك هربا من الواقع المر والمخجل، وبعد الدخول لموقع YouTube شاهدوا مقاطع لطلاب نائمين بينما المدرس يشرح الدرس ومكتوب باللغة الإنجليزية أسوأ فصل بالعالم (The World's Worst Class) أو طلابا مجتمعين في آخر الفصل ويبدو أنهم يلعبون الورق بينما المدرس يشرح ومكتوب باللغة الإنجليزية مدرسة خاصة في السعودية (Privet Schools in Saudi Arabia) ومصيبة أخرى تحت اسم طلاب سعوديين (Saudi Student) طالب يرقص بينما المدرس يكتب ويشرح على السبورة، فصول دراسية سيئة المنظر وغير مرتبة أو كئيبة، ويختم النافع بحمد الله أن المحاضرة لم تستمر بالبحث عن السعودية بل انتقلت إلى دولة أخرى وإلا وجدت الطالبات والرقص باللثام والعباءة، أما عند البحث عن الطلاب والفصول الدراسية في دول أخرى فهناك مقاطع كثيرة عن التعليم الجيد والانضباط والمعامل وطرق التدريس الرائعة والمرتبة.
يقول الطالب عمر البازعي ل (عناوين): دائما ما نتهرب من الحديث عن تجاربنا في التعليم أو محاولة نقل صور عن التعليم بالسعودية، ونخجل عندما يتم سؤالنا عن هوايتنا أو اهتمامتنا خلال التعليم العام حيث يمضي الطالب سنوات عمره الأولى بلا طعم ولا لون ولا رائحة، إذا من المستحيل وصف سنوات الدراسة إن كانت كذلك، حيث الغالبية الساحقة من الطلاب دون هوايات، يقول البازعي يسأل كثير من المدرسين عن مجالات برع فيها الطلاب أو مواد أحبوها وأنشطة مارسوها أو هل شاركوا في مسابقات وطنية أو إقليمية أو دولية، ولكن كل ما يتذكره الطلاب السعوديون هو ساحة ترابية ولعبة كرة قدم وقتها لا يتجاوز الأربعين دقيقة، ترتفع حواجب الطلاب الأجانب من جميع دول العالم، إضافة إلى المدرسين الإنجليز بعدم التصديق تارة واستغرابا تارة أخرى عند إجابة الطلاب السعوديين بأنهم لا يملكون هوايات أو أنها مجرد أحلام لم يسبق ممارستها على أرض الواقع متساءلين عن سنوات التعليم كيف تمت دراستها أو الانتظام بها دون هواية مكملة أو النجاح وبروز موهبة في مجال أو نشاط غير منهجي.
يقول طالب آخر إن أحد المدرسين ذات مرة علق باستهزاء على رد أحد الطلاب السعوديين بأن ليس لديه هواية، بأن هواية السعوديين ركوب الجمال فقط.
الطلاب الأجانب الآخرون يتحدثون عن هواياتهم وعن موادهم المفضلة ومشاركاتهم مع مدارسهم أو على مستوى المدينة أو الدولة، لكل طالب هوايته ووقته الذي أمضاه في ممارستها مهما كانت هذه الهواية غريبة أو صعبة فلها نصيبها من الاهتمام في أنظمة التعليم المختلفة في كثير من الدول أملا في تحويلها إلى موهبة يمكن اكتشافها وصقلها واختيار التخصص بناء عليها.
أما الطلاب السعوديون مع الأسف الشديد على التعليم فلا يتذكرون أنهم مارسوا أي هواية أو نشاط حقيقي وحتى ليس لديهم كتب أو قصص وروايات وطنية مفضلة أسوة بغيرهم من الأجانب، حيث مدارسنا بلا مكتبات ودون تعريف بأهمية الكتاب والقراءة أو حتى أنشطة ثقافية قصصية أو مسرحية.
فهل يمكن أن تكون خطوات الإصلاح الرنانة والعظيمة والمليارديرية في نظام التعليم لدينا حاليا هي الثورة التعليمية المقبلة في نقل الطالب من مجرد الدراسة والتلقين لأجل الشهادة فقط إلى التعلق بمادة معينة أو امتلاك إحدى المواهب المختلفة أو على الأقل امتلاك هواية بسيطة تكون متعلقة بذهن طالب بسيط يستطيع ممارستها وربما الإبداع والتحليق بها عاليا بدلا من التطلع إلى العودة إلى البيت سريعا لممارستها على الكمببوتر أو البلايستيشن، نقول إن شاء الله وعسى من صميم قلوبنا.
ختاما تخيل أخي القارئ الحوار التالي:
المدرس الأجنبي: ما هوايتك؟
الطالب السعودي: أمممم لا أدري، يمكن مشاهدة التلفزيون.
المدرس: ما مادتك المفضلة؟
الطالب: كنت أكره الدراسة وجميع المواد مملة ولم أفهم شيئا.
المدرس: كيف نجحت؟!
الطالب: لا أدري، أممممم حفظت الكتاب ونجحت.
المدرس: إذا ما نوع كتابك المفضل؟
الطالب: عمري ما قرأت كتابا بشكل كامل أو قمت بشرائه.
المدرس: إذا ماذا كانت رياضتك المفضلة في المدرسة؟
الطالب: لم أمارس الرياضة لأني لم أحب كرة القدم.
المدرس: إذا ماذا كنت تفعل خلال مراحلك الدراسية؟
الطالب: كنت أدرس.
المدرس: لم يستطع تكملة الحوار وانتقل إلى موضوع آخر.