تواترت انباء من عواصم قريبة من تونس ومصادر تتابع الشأن التونسي حيث تشتعل انتفاضة شعبية راح ضحيتها الى الآن ما لا يقل عن 50 قتيلا ومئات الجرحى، عن ان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي اقال الفريق أول رشيد عمار، رئيس أركان الجيش التونسي، وقالت المعلومات التي لم يصدر في شانها اي بلاغ رسمي لا بالتاكيد أو النفي ان الفريق بن عمار قاد انقلابا مساء الثلاثاء ضد الرئيس بن علي حيث حاصرت قوات بامرته قصر قرطاج ومقر وزارة الخارجية. وكانت مصادر تونسية مطلعة كشفت لجريدة "لوموند" الفرنسية، أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، أصدر قرارا بإقالة عمار، لتحفظه على تنفيذ أوامر رئاسية باستخدام مفرط للقوة ضد المتظاهرين، ورفضه إصدار أوامر لجنوده لقمع أعمال الشغب. وقالت المصادر إن عمار رفض الانصياع لأوامر بن علي، وإطلاق النار على المتظاهرين، وهو ما دفع الرئيس التونسي إلى اتخاذ قرار عاجل بابعاده عن قيادة الجيش. و في مدينة الرقاب بمحافظة سيدي بوزيدالتونسية،أبلغ شهود عيان الدولية ان جنودا من وحدات الجيش صوبوا رشاشاتهم نحو العشران من رجال الشرطة،حينما ركض مجموعة من المواطنين نحو شاحنات للجيش للإحتماء بها هربا من مطاردات فرق مكافحة الشغب. و تعتبر هذه الحادثة الأولى من نوعها منذ أن أقال الرئيس التونسي زين العابدين بن علي رئيس هيئة أركان الجيش البري، ما يزكي الشكوك بوجود فئة عريضة داخل المؤسسة العسكرية التونسية غير متفقة مع ما يجري و يدور من عمليات قتل للمواطنين العزل بالرصاص الحي. وكانت قوات الجيش التونسي قد انتشرت في العاصمة وضواحيها، اليوم الأربعاء، ?ول مرة منذ اندلاع أعمال العنف في البلاد، منذ قرابة الشهر، كما نشرت تعزيزات أمنية بالقرب من مقر السفارة الفرنسية والكاتدرائية الكبيرة، ومبنى الاذاعة والتلفزيون بمنطقة "لافاييت". هروب ليلى بن علي وتزامنا، تناقلت صحف ومواقع الكترونية تتابع الحالة المتدهورة في تونس معلومات من العاصمة التونسية تفيد بهروب ليلى الطرابلسي زوجة الرئيس التونسي الى دبي مع ابتها وابنها الصغير البالغ من العمر سبع سنوات وذلك طلبا للامان من تدهور الاوضاع التي يبدو انها لنن تتوقف حتى اطاحة حكم الرئيس زين العابدين بن علي الذي يحكم وس منذ نوفمبر 1987 حين اطاح بحكم الرئيس بورقيبة في حركة وصفت بالتصحيحة وقتها. وكان الرئيس التونسي تزوج السيدة ليلى الطرابلسي المولودة العام 1957 بعد طلاقه من السيدة نعيمة بن علي، ولديهما ثلاثة أبناء، سيرين وحليمة ومحمد. والسيدة ليلى بن علي كانت مطلقة من رجل الاعمال خليل معاوي الذي اقترن بها لثلاث سنوات، ثم تزوجت بعد ذلك بسنوات من الرئيس التونسي. ويشار الى انه في اكتوبر 2009، صدر كتاب "حاكمة قصر قرطاج. يد مبسوطة على تونس" في فرنسا وتناول فيه مؤلفا الكتاب ما سمياه هيمنة زوجة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي على مقاليد السلطة في البلاد. ويتحدث المؤلفان وهما الصحافيان نيكولا بو وكاترين گراسيه في الكتاب المحظور بيعه في تونس عن سيطرة عائلة ليلى الطرابلسي وعائلة الماطري على زمام الأمور في كثير من مناحي الحياة بعد أن توعكت صحة الرئيس. حظر التجوال ودفع الجيش للمدن يشار الى ان الحكومة التونسية التي تواجه موجة من الاضطرابات كانت اعلنت حظر التجول خلال الليل اعتبارا من ليل الأربعاء ليطبق في العاصمة والضواحي المحيطة بها.كما دفعت بقطعات من الجيش لفرض النظام في العاصمة ومختلف المدن. وأضاف مسؤول حكومي ان حظر التجوال سيستمر الى أجل غير مسمى وسيبدأ في الثامنة مساء (1900 بتوقيت جرينتش) كل ليلة وسينتهى في السادسة صباحا. واحتدمت المواجهات الدامية في تونس، حيث قتل مدنيان الاربعاء برصاص الشرطة في دوزجنوبتونس خلال تظاهرة تطورت الى اعمال عنف، وهذه المرة الاولى منذ بداية التحركات الاحتجاجية في تونس قبل شهر التي تشهد فيها هذه المدينة التي يعيش فيها 30 الف شخص والواقعة على بعد 550 كلم جنوبتونس اعمال عنف مماثلة. والضحيتان الجديدتان هما حاتم بلطاهر وهو استاذ جامعي ورياض بن اون ويعمل كهربائيا"، مضيفا ان "ما بين اربعة وخمسة سكان اخرين جرحوا اصابة بعضهم حرجة". وبدات الاحداث مساء السبت بتظاهرة سارت بشكل "سلمي" الا انها استتبعت بهجوم شنه "شبان" على معتمدية دوز ومركز الشرطة ومقر الحزب الحاكم. واضاف الشاهد ان "المتظاهرين اطلقوا شعارات ضد الفساد". وتجمع المتظاهرون مجددا صباح الاربعاء امام معتمدية دوز الا ان الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريقهم "قبل اطلاق النار بالذخيرة الحية"، بحسب هذا الشاهد والنقابي السابق. وفي وقت سابق يوم الأربعاء قال شاهدا عيان ان رجلا عمره 23 عاما قتل بالرصاص في اشتباكات مع الشرطة في بلدة تالةالتونسية. وقال شقيق الضحية لرويترز في اتصال هاتفي ان الضحية واسمه وجدي السايحي أصم ولم يسمع تعليمات الشرطة بالتفرق وأصيب في بطنه. ولم يرد المسؤولون على اتصال لطلب تأكيد الحادث اقالة وزير الداخلية وكان رئيس الوزراء التونسي اعلن أن الرئيس زين العابدين بن علي أقال وزير الداخلية السابق رفيق بالحاج قاسم وأمر بفتح تحقيق في اتهامات بالفساد طالت بعض المسؤولين وبإطلاق سراح المعتقلين خلال الاحتجاجات الشعبية. وقال رئيس الحكومة التونسية محمد الغنوشي إن الرئيس أمر بتشكيل لجنة خاصة للتحقيق في الفساد وممارسات بعض المسؤولين وأنه عين أحمد فريعة وهو أكاديمي سابق ووزير دولة وزيرا جديدا للداخلية وكان الرئيس التونسي اجرى تعديلا وزاريا على خلفية الاضطرابات التي تشهدها البلاد احتجاجا على البطالة وتدني المستويات المعيشية وطال التعديل وقتها وزيري الشباب والاتصال. وكان المحتجون نادوا بضرورة اقالة وزيري الاتصال والداخلية. وشهدت تونس اضرابا عاما الاربعاء كان دعا له الاتحاد العام للشغل وذلك في بادرة انتصار للاحتجاجات التي تشهدها مختلف انحاء تونس وتضامنا مع "شهداء الانتفاضة" الذين بلغ عديدهم الى الآن خمسين قتيلا. واستمرت الاضطرابات الاربعاء وسط استمرار موجة التنديد العالمي موقف الحكومة التونسية السلبي من مطالب المحتجين، وأطلقت الشرطة أعيرة نارية تحذيرية في الهواء في محاولة لتفريق حشد ينهب المباني في احدى ضواحي العاصمة يوم الثلاثاء وكانت هذه أول مرة تمتد فيها الاضطرابات العنيفة التي يقول مسؤولون انها خلفت 23 قتيلا - حسب كلام رسمي - من المدنيين لتشمل العاصمة التونسية. ويقول المحتجون انهم يطالبون بوظائف ولكن الرئيس زين العابدين بن علي الذي يواجه أسوأ اضطرابات خلال حكمه الممتد منذ 23 عاما قال ان أعمال الشغب "عمل ارهابي" بتدبير جهات أجنبية تحاول الاضرار بتونس. وفي اشد بيان أميركي لهجة عن العنف حتى الان قال مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية ان واشنطن "تشعر بقلق بالغ من الانباء عن الاستخدام المفرط للقوة من جانب الحكومة التونسية." وقال مراسل لرويترز في حي التضامن للطبقة العاملة انه شهد مئات الشبان الذين سدوا في وقت سابق الطرق بالاطارات المحترقة ورجموا رجال الشرطة يحاولون الهجوم على مبنى للحكم المحلي. وقال المراسل ان الشرطة اطلقت أعيرة تحذيرية في الهواء واطلقت ايضا الغاز المسيل للدموع لابعاد الحشد عن المبنى. وهتفت الحشود بشعارات تردد فيها انهم غير خائفين ولا يخافون الا الله. وتفرقت الجموع فيما بعد واخذت الشرطة تطارد مجموعات صغيرة من الناس في الشوارع الجانبية بالقرب من مسرح المواجهة السابقة. وقال احد الشهود ان تعزيزات كبيرة من الشرطة أحضرت وبقيت على أهبة الاستعداد على بعد بضعة مبان. ولم تكن هناك علامات لاي اضطرابات في اجزاء اخرى من المدينة. وقال مسؤولون ان وفيات المدنيين وكلها في اشتباكات في مدن اقليمية في مطلع الاسبوع حدثت حينما اطلقت الشرطة النار على المشاغبين دفاعا عن النفس. وحتى مساء الثلاثاء لم ترد انباء عن اشتباكات كبيرة بعد ان انتشر الجيش في اشد المدن اضطرابا. واغلقت المدارس والجامعات الى اجل غير مسمى وأمرت الشرطة الناس عبر مكبرات الصوت في مدينة واحدة على الاقل الا يتجمعوا في الشوارع. دعوة لاسقاط الديكتاتور بن علي وفي باريس، تجمع مئات من التونسيين مساء أمس الثلاثاء في الدائرة السابعة في العاصمة الفرنسية باريس قرب السفارة التونسية استجابة لدعوات على فايس بوك للاحتجاج والتنديد بالأوضاع التي تشهد بعدا تصاعديا يوميا في تونس . تجمع التونسيين بمشاركة فرنسية في باريس هو الثاني منذ "بداية أحداث سيدي بوزيد" إلا أنه يعتبر الأهم منذ تدهور الأوضاع في تونس التي تعقدت فيها الأوضاع وأصبح من الصعب التكهن بنهاية هذا التحرك الشعبي غير المسبوق في تونس، التي طالما اعتاد شعبها الصمت والخضوع للنظام الذي تصفه منظمات حقوقية دولية بأنه نظام بوليسي وقمعي بامتياز . لم يستطع المتظاهرون الذين تجمعوا بأعداد غفيرة في الدائرة السابعة في باريس الاقتراب من مقر السفارة التونسية التي ضربت الشرطة الفرنسية حولها طوقا أمنيا محكما ومنعت المتظاهرين من الاقتراب منها. تجمع باريس تميز بحضور كثيف للشباب الذين تجاوزوا المألوف في المظاهرات المناهضة للنظام التونسي وكشفوا في أحاديث ولقاءات مع وسائل إعلام عن هويتهم وقام الكثير منهم بتصريحات مصورة في ما يبدو أنه طلاق مع ثقافة الخوف من انتقامات النظام . كما حضر ممثلون عن الأحزاب التونسية المعارضة وعن الأحزاب الفرنسية المناهضة للرأسمالية ومنها الحزب الشيوعي. إضافة إلى مشاركة من المواطنين الجزائريين والمغاربة.
وردد المتظاهرون شعارات تطالب باستقالة زين العابدين بن علي وبالثأر لضحايا الاحتجاجات وإنهاء "النظام الديكتاتوري في تونس" ومحاسبة المفسدين من أقارب الرئيس التونسي وخاصة عائلة الطرابلسي. وقد ارتدى عدد من المتظاهرين قمصانا بيضاء لطخت بما يشبه الدماء في صور تذكر بما تم تناقله على صفحات فايس بوك وما تضمنته من صور لضحايا سقطوا بالرصاص الحي. كما أشعلوا الشموع تكريما لأرواح الضحايا وحملوا صورا لقتلى الاحتجاجات ولافتات بأسمائهم لطخت بالدماء.. حصارات واعتصامات وكانت قوات الامن التونسية حاصرت مختلف مقار الاحزاب المعارضة والاتحاد العام للشغل ونقابة الصحافيين بينما أعلنت السلطات التونسية عن مقتل أربعة أشخاص وصفتهم ب"المهاجمين" بالرصاص وإصابة 8 من الشرطة في صدامات وقعت في مدينة القصرين، بينما أفاد شهود عيان عن انتحار شاب جامعي عاطل عن العمل بالتيار الكهربائي في خامس حالة انتحار تسجل في البلاد. والحالة وقعت في احدى قرى ولاية سيدي بوزيد في الوسط الغربي التونسي. وهذه خامس حالة انتحار منذ 17 كانون الاول/ديسمبر تاريخ اقدام الشاب محمد البوعزيزي (26 عاما) الذي كان يعمل بائعا متجولا من دون ترخيص، على الانتحار حرقا للاحتجاج على مصادرة بضاعته، ما ادى الى اندلاع احتجاجات لا سابق لها في تونس. وتحدث تقارير عن سقوط 50 قتيلاً في الانتفاضة التونسية التي دخلت اسبوها الثاني، وكانت رئيسة الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH) التي يوجد مقرها في باريس اشارت الى سقوط 35 قتيلا. وأوضحت سهير بلحسن لوكالة فرانس برس قائلة: "إن العدد 35 هذا يستند إلى لائحة بأسماء المتوفين، لكن مجموع القتلى الحقيقي أكبر من ذلك. إنه في حدود الخمسين، لكنه تقدير فقط". وقال محمد فاضل الاستاذ والنقابي لوكالة فرانس برس ان علاء الحيدوري (23 عاما) خريج الجامعة العاطل عن العمل، تسلق مساء الاثنين عمود كهرباء وانتحر مستخدما كوابل الضغط العالي. وقد تحول ترقب الخطاب الرئاسي الذي القاه الرئيس التونسي زين الابدين بن علي إلى خيبة أمل عارمة ، خيبة لم يتردد التونسيون في التعبير عنها على صفحاتهم الشخصية على فايس بوك، خصوصا على الصفحات ذات الانتشار الواسع. خيبة أمل ، لأن خطاب بن علي الذي توقع البعض أن يأتي بقرارات غير مسبوقة ومواقف جديدة و فعالة تشفي غليل مئات الآلاف ممن ضاقوا ذرعا بالأوضاع جاء جافا وتضمن الكثير من اللغو الذي لا طائل منه. وجاء خطاب بن علي الذي بدا مرهقا أكثر من أي وقت مضى وخانته في بعض الأحيان قدرته على التعبير و فشل في مرات عديدة في السيطرة على انفعالاته مراوحا بين العصا والجزرة . وصدم الخطاب المتتبعين بوصفه المحتجين بعصابات المجرمين والملثمين الذين هاجموا مكاتب حكومية واعتدوا على الأماكن العامة متوعدا إياهم بالملاحقة القانونية ومطالبا الأولياء بإرشاد وتوعية الأبناء حتى لا ينساقوا وراء تيارات شريرة تسيرها "أطرافا مناوئة ومأجورة أقلقها تقدم ونجاح تونس". وبطابه الجديد حافظ زين الععابدين بن علي بعد أيام قليلة من خطابه الأول الذي تزامن مع اندلاع الحركة الاحتجاجية على نفس التعامل مع الأحداث، محملا من جديد أطرافا أجنبية مسؤولية تدهور الأوضاع في تونس.