قالت جمعية الأسرى والمحررين في غزة إن الاحتلال الإسرائيلي سيفرج (اليوم) الخميس 2 ديسمبر 2010، عن الأسير وليد خميس شعت (42 عاماً) من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، بعد أن أمضى 18 عاما في سجون الاحتلال. وأوضحت الجمعية في بيان لها أن الأسير شعت انتمى الى حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) مطلع الثمانينيات ويعتبر من احد الكوادر الفاعلة في الحركة. وقضى شعث في ظلمة السجن 6588 يوماً (18 عاما) هي مدة محكوميته في سجون الاحتلال. وفرحة التحرر التي تظللها حفاوة استقبال الأهل، وخصوصاً معانقة الوالدين والزوجة سوف تسقط من حسابات الأسير وليد شعت، بعد أن غيبهم الموت واحدا تلو الآخر خلال فترة اعتقاله، ويستعيض عنها بزيارة قبورهم والدعاء لهم قبل أن يواصل طريقه إلى منزله لاستكمال مراسيم استقباله الشعبية والوطنية. هذه هي توقعات قصة انعتاق الأسير وليد خميس شعت الذي اعتقل في 19 يونيو 1993، وحكم عليه بالسجن 18 عاماً بذريعة قتل إسرائيلية، وهي لا تختلف في تفاصيلها عن حال العديد من الأسرى الفلسطينيين الذين أفرج عنهم وتبددت آمالهم بلقاء آبائهم وأحبائهم أو أعزائهم بعد أن غيبهم الموت. الكبار رحلوا والصغار كبروا وتغيرت صورهم وملامحهم، ووليد لا يزال يقبع في سجنه، بهذه الكلمات بدأ فهيد شعت، الشقيق الأصغر، للأسير يروي قصة الغياب وملامح وجه لا تخفي مدى شوقه لأخيه ل (الجزيرة. نت). ويقول فهيد "عانى أخي كثيراً... داخل السجن، وتجرع شتى ألوان العذاب التي أشدها حرمانه من رؤية أجمل ما في الحياة". وتابع "لم يمض سوى ثلاث سنوات على اعتقال وليد حتى توفيت زوجته التي أصيبت بمرض عضال مفاجئ، وتبعها الوالد بعد عشر سنوات". ويضيف "بقيت الوالدة تتحسر على البعد والفراق إلى أن أسكت المرض جسدها ووافتها المنية في فبراير الماضي، فكان الخبر من أشد الصدمات التي تعرض لها الأسير وليد في حياته لحرمانه من عناق من كان يعد الأيام للقائها، فموت والداته سقط عليه كالصاعقة". ولقاء الجزيرة نت بشقيق الأسير كان يقطعه بين الفينة والأخرى بكاء فهد كلما تذكر لهفة والدته على شقيقه وليد "كانت والدتي تستيقظ مع أذان الفجر كل يوم لتصلي وتدعو الله أن يفرج كرب ابنها، وتجلس على باب غرفته تحتضن صورته وتتمعن فيها وتتذكر سبعة وعشرين عاماً قضاها تحت جناحها" يقول فهيد. فهيد: كانت والدتي تستيقظ مع أذان الفجر كل يوم لتصلي وتدعو الله أن يفرج كرب ابنها (الجزيرة نت) ويردف، بعد أن سيطرت عليه لحظات من الصمت وبدا صوته خافتاً لا يكاد يسمع من شدة الحزن، "صورة أخي الأسير لم تفارق جيب والدتي حتى أنها تمزقت وبليت من كثرة مرافقتها لجيبها في كل أماكن تنقلها فاضطررت إلى أن استخرج صورة بديلة". واستحضر فهيد بعضا من ذكريات والدته في رحلة معاناتها الطويلة قائلا "كانت عند سماعها لنبأ خروج أي أسير من السجن الذي يقبع فيه أخي، يسيطر عليها البكاء الشديد طوال اليوم، وتطلب مني الذهاب لبيت الأسير لجلب أي معلومات عن أخي". وأضاف "فور سماعها بقرب إتمام صفقة تبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي لم تكن تفارق التلفاز لعلها تسمع خبراً مفرحاً يجعلها تحقق أمنيتها الوحيدة برؤية ابنها قبل أن تغادر الحياة". وفي حديثه عن تفاصيل استعدادات الأم لاستقبال ابنها، قال فهيد "كانت تعد اللحظات والدقائق لاستقباله عبر تهيئتها لمكان المهنئين بالإفراج عنه، كما عقدت العزم على زواجه ورصدت مبلغا من المال لذبح عجل وتوزيعه على الفقراء، إلا أن القدر كان أسرع من كل شيء". وأضاف "في أيامها الأخيرة، اشتد عليها المرض فتوقفت جميع أعضاء جسدها عن الحركة، ولكن عند سماعها اسم وليد تحركت قدماها ويداها بصورة تلقائية، الأمر الذي له كان له وقع شديد على نفوس الموجودين بجوارها فأجهشوا بالبكاء". ولم يستطع فهيد منع دموعه وهو يستذكر آخر رسالة أوصته بها والدته قبل أن تفارق الحياة لينقلها لأخيه، وهي "أمك بتسلم عليك وكان نفسها تحضنك وتضمك لصدرها".