نفى الناطق الإعلامي الرسمي لشرطة المنطقة الشرقية، الأربعاء 8 سبتمبر 2010، ما تناقله أحد المواقع الإلكترونية الأجنبية على لسانه من أن عدد الخادمات الهاربات من كفلائهن بسبب سوء المعاملة يبلغ 20 ألف خادمة. وأوضح المقدم زياد الرقيطي ل (عناوين) أن "العدد واضح أنه مبالغ فيه"، مؤكداً أنه "لم أصرح بذلك مطلقا، كما أن العميد يوسف القحطاني أظنه لم يذكر شيئاً من هذا في فترة سابقة". وكان موقع (فرنسا 24) الإلكتروني، التابع لإذاعتي (24 فرنسا) و(راديو مونت كارلو) قد نشر (أمس) 7 سبتمبر الجاري، ضمن مساحته الحرة التي تحمل عنوان (مراقبون) قصة فتاة كينية الجنسية هربت من كفيلها، مدعية قيامه بخداعها، إذ استقدمها من أجل العمل (معلمة) لتدريس اللغة الإنجليزية، لتتفاجأ بعد قدومها للمملكة بتكليفها بالعمل (خادمة). وتدعى العاملة الهاربة (كريستين) وهي فتاة كينية (26 سنة) هربت من المنزل الذي كانت تعمل فيه منذ 6 أشهر، وتعيش حاليا بطريقة غير قانونية في المملكة، لدى شاب يدعى (محمد) من أصول إفريقية في جدة، وقام بإيوائها لحين انتظار استرجاع جواز سفرها لتتمكن من العودة إلى بلادها، وتسكن حاليا في بيت الشاب الأفريقي الذي قرر مساعدتها بعد أن انتبه إلى حالتها، ثم قام بدوره بإرسال قصتها إلى الموقع الفرنسي، كما قام بإنشاء صفحة على الموقع الاجتماعي الشهير (فيس بوك) من أجل نصرتها. ونقل الموقع الفرنسي عن (كريستين) قولها: "وصلتُ إلى مطار جدة في مايو 2009 وقد تحصلت على تأشيرة عمل من السفارة السعودية في كينيا للعمل كمدرّسة في تعليم اللغة الانكليزية للأطفال"، مضيفة "وصلت هنا برفقة سبع نساء كينيات كن في حالة مماثلة، واستقبلني مشغلي بصحبة زوجته وحماته، الأمر الذي جعلني أحس بالأمن، زيادة على كونهم زعموا أنني سأقوم بتدريس أبنائهم؛ إلا أنني تيقنت بسرعة من الفخ الذي وقعت فيه عندما حملوني إلى بيت أصدقائهم، حيث أخذوا مني جواز سفري وهاتفي الجوال قائلين انني سأسترجعهما عندما يحين موعد العودة إلى بلدي". وقامت كريستين بالعمل في بيت حماة كفيلها السعودي، حيث تعرفت على فتاة كينية كانت تعمل هناك منذ شهرين، وتقول: "روت هذه الأخيرة على مسامعي ما جرى معها من أحداث وما ينتظرني في الأسابيع القادمة، وبعد شهر، عدت مع الزوجين لأشتغل هناك مدة أربعة أشهر كانت الأعسر في حياتي"، وتصف حياتها في منزل كفيلها قائلة: "كنت أسكن غرفة صغيرة وأنام على فراش ملقى مباشرة على الأرض، كما كنت مجبرة على طلب الإذن لتناول الأكل، وأقوم بأشغال منهكة حتى أنني كنت أنام على الساعة الخامسة أو السادسة صباحا لأستيقظ على الساعة العاشرة". وفقدت كريستين الاتصال بأهل مدة تجاوزت شهرين، إذ تقول: "عندما سمح لي بالقيام بأول اتصال هاتفي بعد شهرين، علمت بأن والدي كان مريضا وأنه نقل إلى المستشفى، عندئذ، طلبت من مخدومي - الذي يُمنع علي عادة مخاطبته - أن يمنحني أجرتي حتى أتمكن من العودة إلى بلدي أو على الأقل لأرسل قدرا منها لأهلي هناك إذ لم أحصل على ريال واحد حتى ذلك اليوم، والحال أن أجرتي لا تفوق 800 ريال –أي 160 يورو- وهو مبلغ بخس لا يكفي لتسديد كراء منزل هنا". وتندهش من عدم موافقة كفيلها أو زوجته على طلبها بل وتستعجب من أنهما "لم يترددا في القول أن حياة أبي أو وفاته ليستا بالأمر المهم". بعد هذه الحادثة تيقنت كريستين أن الحل الوحيد الذي بقي أمامها هو الهروب من المنزل، "ركبتُ سيارة أجرة حملتني إلى سفارة غينيا (إذ خلط السائق بين غينيا وكينيا كما أنه لا وجود لسفارة كينية في جدة)، لكنني لم أنجح في سرد ما حدث لي، وذلك لعدم حديثي غير الانكليزية، ولبثتُ في ساحة السفارة مدة شهرين أنتظر الفرج". وتضيف كريستين "من حسن حظي أني التقيت بمحمد الذي ساعدني على الخروج من هذا المأزق؛ لكنني للأسف لم أنجح بعد في استرجاع جواز سفري وبذلك لا يمكنني العودة إلى بلدي، وكل ما أخشاه خاصة يوميا هو أن يعثر عليّ مشغّلي السابق". وقام الشاب محمد، بإرسال قصة (كريستين) إلى موقع (فرنسا 24) الإلكتروني، وهو ذو أصل إفريقي يبلغ من العمر 27 سنة ويدرّس اللغات الحية في جدة، وأرسل القصة للموقع تحت اسم (محمد وليد المملكة)، مدعما القصة بصورة الفتاة. ويقول في رسالته: "لقد اكتشفت وجود هذا النوع من الحالات المخزية بفضل كريستين، وأعرف اليوم قرابة 25 امرأة يعشن نفس الحالة ولا يمتلكن القدرة على العودة إلى أوطانهن، منهن من يضطررن إلى العمل ك (مومسات)؛ لكن البعض ينجح في العثور على شغل آخر بعد الهرب من مكان عملهن الأصلي". ويضيف محمد "ما لا أفهمه هو أن تقف سفارة كينيا مكتوفة اليدين أمام هذا الأمر. ومن جهتي، أعلم جيدا أن الأمر لا يخلو من الخطورة وبخاصة أنني أواجه أمرا اعتاده المجتمع، وأن العائلة التي كانت "كريستين" تشتغل عندها تنتمي إلى الطبقة الثرية"، مؤكدا "رغم ذلك، فإنني مصمم على مواصلة هذه المعركة وقد قمتُ في هذا الصدد بفتح صفحة على موقع (فيس بوك) للتنديد بهذه الممارسات". واعتبر (فرنسا 24) أن "قصة المعينة المنزلية السريلانكية التي عذبها مخدومها السعودي حالة نادرة من القسوة، إلا أنها ليست بالشاذة. فمن بين المليون ونصف المليون من العاملات الأجنبيات اللاتي يشتغلن في بيوت المملكة، يعد الناطق الرسمي باسم شرطة مدينة الدمام أن 20.000 هربن بسبب سوء معاملة مشغليهن". وأشار الموقع إلى أن "كثيرا من المعينات المنزليات ذات الأصول الآسيوية أو الإفريقية في المملكة يعملن في ظروف متردية للغاية، إذ يحرمن من جميع حقوقهن ويتعرضن للسجن والإهانة وحتى للتعذيب أحيانا". من جهة ثانية، أشار أحد المتابعين لقضايا هروب الخادمات في المملكة إلى أنه "لا توجد إحصائية رسمية في المملكة لعدد الخادمات الهاربات من كفلائهن بسبب سوء المعاملة"، مؤكداً أن أسباب هروب الخادمات "كثيرة منها ما يعود لإغراء بعض أبناء جنسياتها بالحصول لها على راتب أعلى، أو وقوعها ضمن شبكات من أبناء جنسياتها لممارسة الرذيلة، أو وقوعها في يد من يستغلها ويقوم بتأجيرها"، مضيفا "تأجير الخادمات منتشر والجهات الرسمية تحاربه، مثل ما حدث في بداية هذا الشهر من قبض شرطة الشرقية على رجل وزوجته يغريان الخادمات في أحد المجمعات التجارية بالهروب وتوفير مكان لها للعمل بأجر مرتفع"، مشيرا إلى أن "التأجير في بعض المواسم مثل رمضان يصل إلى الذروة، وتبلغ كلفة إيجار الخادمة في الشهر الواحد نحو 3 آلاف ريال".