لم يعد سوق العمل هو المجال الوحيد لإيجاد دخل فيما يبدو، حيث اتجه عدد من الشباب إلى فضاء الإنترنت لإيجاد مصادر جديدة لزيادة دخلهم، بل غدت بعض الألعاب الإلكترونية في أوساط عدد من المراهقين والشباب تجارة مربحة. وتعد لعبة (الترافيان) من أكثر الألعاب الإلكترونية شهرة بين أوساط الشباب؛ لسهولة الدخول إليها دون استخدام برامج لفتحها, وبرزت في الآونة الأخيرة المتاجرة بها بين أوساط اللاعبين المحترفين، وتباع بعض مراحل اللعبة بمبالغ تراوح ما بين 200 ريال و4 آلاف. الشاب فادي أسود أحد لاعبي ترافيان قال ل (عناوين): "بدأت ألعب منذ أكثر من خمسة شهور"، مضيفا "بمجرد التسجيل في هذه اللعبة تحصل على قرية تتكون من شقين, أحده مبان والآخر حقول، الحقول هذه تعد مصادر من أجل تشييد المباني". وحول طريقة اللعب قال: "تبدأ اللعبة عندما تحاول زيادة مصادرك بالاستيلاء على قرى أخرى، وتكوين جيش"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه يقضي أكثر من 8 ساعات في اللعبة يوميا. من جانبه أكد مدير عام شركة تقنية الترفيه الإلكتروني وعضو مجلس إدارة كأس العالم للرياضات الإلكترونية ياسر بهجت ل (عناوين), أن لعبة (الترافيان) ليست اللعبة الوحيدة التي يمكن التكسب منها, بل هناك ألعاب أخرى كال(WOW) التي يمكن أن تصبح مصدر دخل, مضيفا: "إن هذه الألعاب في فكرتها تقوم على اقتماص الأدوار, فاللاعب مثلا يتقمص هذه الشخصية التي يلعبها ويزود دخله منها ببيعها بآلاف الدولارات. وقال: "تتطلب هذه الألعاب الحرفية و"الفضاوة", لأنها تحتاج إلى الجهد والوقت من اللاعب, وقد تستغرق منه ثلاثة أسابيع إلى الأشهر" على حد تعبيره. وأبدى بهجت استغرابه إلى أي حد وصل "التكاسل وعدم الإنتاجية بشبابنا بأن يشتري اللعبة من شخص آخر في وسط اللعبة أو في نهايتها بدلا من أن يتعب نفسه ويلعبها من البداية", موضحا أن المحترفين سيكتشفون أمره بأنه غير محترف, وأنه لا يستحق الوصول إلى ما هو عليه, هذا إن لم يخسر ويفشل منذ البداية. ونوه ياسر بهجت بأهمية الاهتمام باللاعبين المحترفين الذين يحتاجون إلى دعم رسمي وإعلامي؛ لأنهم يعملون كرياضة حقيقية, وأن يكون لهم دخل حقيقي, مشيرا إلى أن المملكة تعد من أفضل ثماني دول في العالم من عام (2005 حتى 2008) في الألعاب الإلكترونية, مشيرا إلى بدر الحكيم الشاب السعودي الذي فاز مرتين من ضمن 9 فائزين ونال مرة لقب بطل العالم في الألعاب الإلكترونية. ويرى الدكتور عبد الرزاق الغامدي استشاري طب نفسي ورئيس وحدة الطب النفسي في الشؤون الصحية, أن الألعاب الإلكترونية تخلق نوعا من العزلة والانطوائية في الشخص، قائلا: "هذه الألعاب غير جماعية وليس فيها اتصال حقيقي وتفتقد الاتصال المباشر, كما أنها تستنفذ الطاقات الفكرية والحسية, كون اللاعب يركز في الشاشة لساعات طويلة". ونوه بأنه لو كان اللاعب رب أسرة أو مراهقا فسيكون عطاؤه النفسي والعاطفي قليلا, ومع وجود الحافز المادي يكون حب الاستحواذ وحب الذات والأنانية والعدوانية المبطنة والجشع الطابع الذي يعتريه وطلب المقابل من صفاته المعهودة, مضيفا: "أنها تفقد المراهق الصغير الحس الاجتماعي الحي الذي اتسم به السابقون". وأضاف الغامدي: "أن هذه الصفات لا تشمل الذين لا تستحوذ عليه الألعاب الإلكترونية لساعات طويلة في لعبها, وإنما هي لمن يصبح لديه نوع من الإدمان والارتباط النفسي والعاطفي تجاه الألعاب, خاصة إذا كانت ذات المردود المادي من مال أو ساعات إضافية للعب أم مردود معنوي كالشهرة". (عناوين) توجهت إلى قسم الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، الذين أكدوا أن الألعاب الإلكترونية مثلها مثل بقية الألعاب منها الجائز ومنها غير الجائز, قائلين: "إن كانت تعود على لاعبها بأشياء مفيدة ونافعة ومنمية للمهارات, فالشرع لا يقف ضدها, وخاصة إن كانت ملتزمة بالضوابط الشرعية". منوهين بأن ما يترتب على ذلك من بيع النتائج التي توصل إليها اللاعب فهو جائز شرعا لا إشكال فيه, أما إذا كان فيها أي نوع من المخالفة أو تلهية عن العبادات ولساعات طوال أو تساعد على العنف, فهي حرام وبيعها حرام لما يترتب عليه من مفسدة.