توفي يوم السبت 10/1/2009م الكاتب الماركسي المصري محمود أمين العالم عن 87 عاما بعد أكثر من نصف قرن من المعارك السياسية والثقافية، وولد العالم بالقاهرة يوم 18 فبراير شباط عام 1922 وتخرج في قسم الفلسفة في كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (القاهرة الآن) عام 1945 وحصل على الماجستير عام 1953 عن بحث عنوانه (فلسفة المصادفة الموضوعية في الفيزياء الحديثة ودلالتها الفلسفية) ونال به جائزة الشيخ مصطفى عبد الرازق وسجل بحثا للدكتوراه حول (الضرورة في العلوم الإنسانية)، لكنه حرم من إعداد رسالة الدكتوراه بسبب فصله من الجامعة عام 1954 مع عدد من الأساتذة لأسباب سياسية، ثم التحق بمجلة روز اليوسف التي كتب فيها مقالات في النقد الأدبي مستكملا ما بدأه مع رفيقه عبد العظيم أنيس حين ردا على مقال عميد الأدب العربي طه حسين حول (مفهوم الأدب). وبهذا المقال بدأت معركة في النقد الأدبي تهدف إلى الانتصار للاتجاه الواقعي. وأصدر العالم وأنيس عام 1955 كتاب (في الثقافة المصرية) يردان فيه على عدد من نقاد الجيل السابق ومنهم عباس محمود العقاد وطه حسين الذي وصف الكتاب بأنه "يوناني فلا يقرأ" في حين اتهمهما العقاد في صحيفة (أخبار اليوم) بالشيوعية وقال "أنا لا أناقشهما وإنما أضبطهما، إنهما شيوعيان". وعمل العالم في مؤسسة دار التحرير التي أنشأتها ثورة 23 يوليو تموز 1952 في مصر ولكنه فصل من عمله بعد إعلان الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 لأنه قال إن الوحدة لا تراعي الخصائص الموضوعية للمجتمع السوري. واعتقل العالم مع الشيوعيين الذين اعتقلهم نظام الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر في مطلع عام 1959 وتعرضوا لتعذيب راح ضحيته شيوعيون منهم شهدي عطية الشافعي ثم أفرج عنهم عام 1964. وبعد الإفراج حدث ما يعتبره البعض مصالحه مع النظام الناصري فعمل العالم في مجلة (المصور) الأسبوعية ثم أصبح رئيسا لمجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للكتاب ثم رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة المسرح والموسيقى والفنون الشعبية، ثم رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم الصحفية. وبعد موت عبد الناصر عام 1970 واختيار أنور السادات رئيسا للبلاد بدأ صدام مع السلطة الجديدة فاعتقل مع من وصفهم السادات بمراكز القوى، ووجهت له ولآخرين تهمة الخيانة العظمى وبعد الإفراج عنه سافر إلى بريطانيا للعمل بإحدى الكليات ثم اتصل به صديقه المفكر الفرنسي جاك بيرك (1910 - 1995) واقترح عليه التوجه إلى باريس فذهب ليعمل في جامعة باريس مدرسا لمادة الفكر العربي منذ عام 1973 حتى عام 1984. وخلال تلك الفترة أنشأ مع بعض المصريين مجلة شهرية هي (اليسار العربي) التي كانت تدافع عن قضايا الوحدة العربية والديمقراطية والتحرر السياسي والاقتصادي. وشارك العالم في الجبهة الوطنية المصرية المناهضة لسياسة السادات عندما بدأ مشروعه للصلح مع إسرائيل. وحكمت محكمة (العيب) على العالم غيابيا بحرمانه من حقوقه المدنية والسياسية ولم يرفع عنه الحظر المدني والقانوني إلا بعد إلغاء قانون العيب بعد سنوات، وتفرغ العالم بعد عودته إلى مصر لإصدار كتاب غير دوري عنوانه ( قضايا فكرية) كما اختير مقررا للجنة الفلسفة في المجلس الأعلى للثقافة. وحصل العالم على جائزة الدولة التقديرية من مصر عام 1998 كما منحته مؤسسة ابن رشد في برلين جائزتها عام 2001. وللعالم أكثر من 20 كتابا صدر أولها عام 1955 بعنوان (ألوان من القصة المصرية) بمقدمة لطه حسين و(الثقافة والثورة) و(تأملات في عالم نجيب محفوظ) و(فلسفة المصادفة) و(هربرت ماركيوز أو فلسفة الطريق المسدود) و(الوجه والقناع في المسرح العربي المعاصر) و(البحث عن أوروبا) و(ثلاثية الرفض والهزيمة.. دراسة نقدية لثلاث روايات لصنع الله ابراهيم) و(الوعي والوعي الزائف في الفكر العربي المعاصر) و ( الماركسيون العرب والوحدة العربية) و(الفكر العربي بين الخصوصية والكونية) و(مواقف نقدية من التراث) إضافة إلى ديوان شعر واحد صدر عام 1970 بعنوان (أغنية الإنسان).