عمدت فتيات، أنهين دراستهن وبخاصة الجامعية، إلى ابتكار طريقة جديدة من أجل إقناع أهلهن بالخروج اليومي من المنزل والبقاء خارجه ساعات طويلة، وذلك عن طريق التحاقهن بمعاهد خاصة بزعم دراسة لغات أو حاسب آلي. وباتت المعاهد الدراسية الخاصة بالفتيات متنفسا لهن ومكانا للترويح، والسعي نحو تحقيق رغباتهن دون الرضوخ لضغوط الأسرة ومراقبتها. وذكرت (أ.ع) طالبة في أحد معاهد اللغات ل (عناوين) أنها تستغل المعهد للترويح عن نفسها، "وبخاصة أني تخرجت في الجامعة ولم أحصل على وظيفة للآن، وكان هدفي من التسجيل في المعهد ليس من أجل التعلم وتنمية قدراتي للحصول على وظيفة، وإنما لإيجاد فرص للقاء الصديقات والخروج معهن، بعيدا عن المنزل وقيوده". أما الطالبة (م.س) فتؤكد "ان التربية الصارمة التي تربيتُ عليها في أسرتي دفعتني لاتخاذ الكذب وسيلة للخروج من معاناتي داخل منزلي، فعمدتُ الى التقديم في معهد للحاسب الآلي بزعم الحصول على شهادة فيه تساعدني في الحصول على وظيفة مناسبة"، وتضيف "فكان المعهد هو الستار الخاص بي للخروج مع صديقاتي للمقاهي والمطاعم، وهو ما لا تسمح به أسرتي، رغم اني ارى أنه حق مشروع لي". وأوضحت إحدى الموظفات في معهد خاص أنه "لا يوجد قرار صادر من وزارة التربية والتعليم يلزم ادارة المعهد بضرورة اطلاع حارس المعهد على هوية السائق الذي تركب معه الطالبة". وأضافت "لكن حرصا من المعهد على سمعته وتجنبا لأي مشاكل واردة الحدوث، تدقق الادارة مع الطالبة في دخولها وخروجها وتوقعيها اليومي، كما يطلب منها إعطاء بطاقة الهوية لتسجيل المعلومات، اضافة الى منعها من استخدام جوال الكاميرا في كافتيريا المعهد". وأشارت إلى أن "مسؤولية المعهد تكون داخله فقط، أما خارج بوابته فلا سلطان له على طالباته".
وبيّنت موظفة في معهد آخر أن "المعهد غير ملزم بشأن الفتاة خارج أسواره، ولا يطالبها بحضور إثبات لهوية السائق الذي تخرج معه". من جانبها، أكدت الاختصاصية في علم الاجتماع، ذكريات الحيز، أن "المعاهد الخاصة لم تعد تجذب الفتيات من باب التعلم وإنما الكثير من الفتيات يدرسن فيها بغية الحد من الفراغ القاتل، والخروج مع شاب أو فتاة، من اجل الهروب من ضغط الاسرة". وقالت الحيز: "من أجل هذا الكبت تصدر من الفتاة سلوكيات تعبر فيها عن رغبتها في ممارسة بعض الأمور حتى لو بالكذب من باب الترفيه"، داعية الأهالي إلى "التنبه من ممارسة أسلوب الكبت على البنات وبخاصة اللاتي ضجرن من حياة الفراغ وعدم وجود ما يشغلهن". ونوهت إلى أن "بعض المعاهد تضحي بعدد من طالباتها مقابل عدم خسارتها لسمعتها، لذا وضعت ضوابط وشروطا خاصة بها" وشددت الحيز على أهمية أن "تتلمس الأسر حاجة بناتها واتاحة لهن الحرية المقيدة بضوابط، وفتح باب الحوار معهن والاستماع لهن، لأن عديدا من الفتيات يسعين للخروج من الروتين الممل الذي يعشن فيه، وبعضهن لا يمتلكن المهارة لكسب صداقات جديدة في حال بعد صديقاتهن بسبب انهاء الدراسة أو الزواج، لذلك تلجأ للعلاقة بالتلفون مع شباب وتكون العاقبة وخيمة". واضافت أن "اختيار الصديقة أو الزميلة في الدراسة أمر مهم، ويجب أن يتم بعناية لكيلا تنخرط الفتاة مع صديقة غير مناسبة في الطباع والسلوكيات، وإن حدث فعليها أن تجعل التأثير متبادلا، وأن تحاول أن تجعل لنفسها دورا في إصلاح وتغير السلوكيات غير الصالحة". وذهبت ذكريات الحيز إلى أنه "ليس عيبا أن تلجأ الفتاة لاختصاصية نفسية أو اجتماعية للتحدث معها أو عرض مشكلتها عليها للتعلم كيفية التعامل مع الأسرة، وبالأخص الأم التي ينبغي أن تكون صديقة لابنتها، لترشدها بلطف وتنصحها باللين، وكذلك أن تتفهم الأسرة وجود نوادٍ نسائية ومقاهٍ خاصة بالنساء يمكنهن السماح لهن بالذهاب إليها"، مشيرة إلى أهمية أن تلعب الجمعيات والمؤسسات دور الحاضن لهذه الطاقات الشبابية من الجنسين، وبخاصة جمعية الثقافة والفنون، التي يجب عليها أن تتبنى الفنون والإبداعات والمهارات وتوجهها بما يصب في أنشطة هادفة للمواطن والوطن.