لن يرتدع الفاسدون والمفسدون والمرتشون وآكلو الأموال بالباطل, إلا بعد أن يتم فضح من يثبت جرمه على الملأ وفي وسائل الإعلام، لقد شبع البلد حتّى أصيب بالتخمة من جرائم الفساد التي يشار إليها ولا يشار إلى المتورطين فيها. منذ القصة الشهيرة لمسؤول الاتصالات الذي لهف أموال الناس عند بدء خدمة الجوالات في السعودية، وما زال يسرح ويمرح بيننا مواطناً كريماً، وانتهاء بعصابة "حمى الضنك" التي لهفت الأموال المخصصة لحملة توعية للقضاء على المرض، كلّ أولئك "الحرامية" لا بدّ أن توضع صورهم على الصفحات الأولى في الصحف، ويشار إليهم بالأسماء: أيها الناس هؤلاء هم الحرامية. يشتكي أمين مدينة جدة المهندس عادل فقيه من زيادة حالات حمى الضنك في جدة هذه الأيام، وسيذهب الأمين وسيأتي بعده أمناء، وستبقى مشكلة انتشار حمى الضنك في جدة قائمة ما دام الفساد قائماً، وستذهب عصابة وتأتي عصابة أخرى تجد غلّتها في حملة توعوية هنا، أو حملة تثقيفية هناك. إن فقه الستر لا ينبغي أن يمارس إلا في حق من يثبت خطؤه في حق نفسه، أمّا أولئك الذين يأكلون الأموال ليعاني الناس جرّاء استهتارهم وفسادهم، فإن الستر عليهم ينطوي على خطر أعظم من التشهير بهم، فمن أمن العقوبة أساء الأدب، وقد وصل الفاسدون في سوء الأدب حدّاً لا سابق له، فما داموا يراقبون آكلي الأموال والحقوق والفاسدين والمرتشين سالمين مستورين، فلماذا لا يجربون حظّهم في لهف حقوق الدولة والمجتمع السائبة !(إبراهيم الأفندي)