موقف المواطن "النجراني" مع انطلاقة الحوار الوطني، الخميس 8 أبريل 2010، الذي تستضيفه منطقته؛ متباين ومقسوم إلى قسمين، الأول هو ذاك المواطن الذي لم يشعر بمقدم تلك الآلة الضخمة للحوار، التي يديرها مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني ولم يكترث لها، فحركة الناس طبيعية، والمنطقة لم تمتلأ بإعلانات حول المناسبة، المشهد يبدو طبيعيا إلى حد كبير، أما الآخر فآثر أن يظهر متضجرا لواقع الخدمات الصحية في المنطقة "الرديء"، بحسب تعبير بعض الأهالي ل (عناوين)، وراحوا يلومون وسائل الإعلام التي حضرت لتصاحب اللقاء الختامي لمناقشة واقع الخدمات الصحية في السعودية، لكونها لم تخرج إلى المواطن "النجراني" وتسأله عن احتياجاته ومتطلباته من الخدمات الصحية، بل إن بعضهم قال قاصدا المشاركين في الحوار ومن معهم: "لِمَ تحملوا تلك المشقة وقدموا إلينا طالما أن مشكلاتنا ستذوب مع جملة مشكلات القطاع الصحي المترهل في البلاد". علي آل غازي ناشط في الشأن الثقافي وهو في العقد الرابع من عمره قال ل (عناوين): "على الرغم من فرحنا بوصول طلائع الإعلاميين إلى المنطقة التي تشكو غياب الإعلام الحقيقي، إلا أننا في المنطقة لم نرَ لهم أثرا ملموسا"، مشيرا إلى أن سكان المنطقة الذين يفوق تعدادهم النصف مليون مواطن ومقيم، لا سبيل لهم في الحصول على العلاج في الأمراض ذات الحاجة إلى متخصص إلا بالسفر خارج المنطقة واللجوء لما يتوافر في جدةوالرياض، وأبناء نجران العاملون في كبريات المستشفيات والمجمعات الطبية في المدن الرئيسية يصرفون جزءا كبيرا من أوقاتهم لمتابعة مصالح أقربائهم بالوساطة بغرض تنسيق مواعيد أو حجز أسرّة وما شابه. فيما يقول آخر - فضل عدم ذكر اسمه لشغله منصبا في القطاع الصحي في المنطقة: إن عدد الإحالات الطبية الصادرة من المنطقة بلغ 12 ألف إحالة طبية خلال عام ونصف تقريبا، وإن نسبة ليست باليسيرة من مستخدمي مطار نجران (ذهابا وإيابا) هم أولئك المرضى وعائلاتهم الذين يبحثون عن صحتهم خارج ديارهم. (عناوين) زارت الخميس 8 أبريل 2010، مستشفى نجران العام، فوجدته مجرد مبنى صغير يبدو أنه تجاوز الخمسة عقود من عمره بعدد قليل من الأطباء غير السعوديين، وعدد قليل من العيادات لا تعمل لإجازة الأطباء يومها، وعمليات صيانة على وشك الانتهاء ترقبا لزيارة وزير الصحة، كان آخرها جلي مساحات من الرخام تم تركيبها خلال الأيام القليلة الماضية. وقال مسؤول في المستشفى: إنها مجرد مسألة وقت، مشيرا إلى اعتماد مشروع لاستبدال المستشفى بآخر يتسع ل 300 سرير. فيما بدا مستشفى الأمير سلطان لأمراض القلب والكلى مجرد مبنى جميل من الخارج، لكنه باعتراف أطباء يعملون فيه، فهو يخلو من الكوادر المؤهلة والأجهزة اللازمة، ولا تتجاوز وظيفته الحقيقية سوى إنعاش الحالات المرضية المتقدمة تمهيدا لإحالتها إلى مراكز متخصصة في الرياض، بما يعني أنه محطة عبور يؤدي ما تؤديه المستوصفات أو المراكز الصحية الصغيرة، لكن المنطقة موعودة بتوسعة تجعل منه مركزا لأمراض القلب يؤدي أعماله المفترضة كمركز تخصصي. أحد النشطاء في الشأن الثقافي - فضل عدم ذكر اسمه لأسباب مجهولة - عزا مشكلة بقاء منطقة نجران مهملة في جانب الخدمات الصحية طيلة العقود الماضية، إلى عدم وعي المواطن في المنطقة بحقوقه، وبسبب غياب الوعي لم تكن هناك مطالب ملحة لكبار المسؤولين، مبديا أن أهالي المنطقة يتوسّمون في أمير منطقتهم الأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز خيرا لم يرجوه من قبل ممن تعاقبوا على إمارة المنطقة، مفنّدا سبب تسميته بين عامة الناس ب "بشير الخير" لشعبيته الواسعة عندهم. وبسؤال مجموعة من سكان نجران زارتهم (عناوين) في "ديوانية" تجمعهم عما إذا كان إعلاميو المنطقة تناولوا احتياجاتها كما ينبغي، أجابوا بإجماع: إن غالبية مراسلي الصحف مقصرون في حق منطقتهم، ويغلفهم الخوف من عناصر متنفذة في بعض أجهزة الدولة يتصرفون من تلقاء نفسهم، بممارسة "تخويف" الصحفيين، وإن نجران لا يوجد فيها إعلام مرئي إطلاقا، وإن مركز التلفزيون السعودي غير معني سوى بتغطية المناسبات الكبيرة التي لا تتكرر في السنة سوى مرات قليلة ولا شأن له بمطالب الناس.