الأبشيهي هو بهاء الدين محمد بن أحمد بن منصور الأبشيهي نسبة إلى مكان مولده في أبْشيه قرية غرب النيل تابعة لمحافظة الفيوم التي تبعد قرابة مئة كيلو مترا جنوب غرب القاهرة. الأبشيهي المتُوفي عام 1448م هو أديب حكيم ومتحدث بالأشعار والحكايات والحِكَمْ، له عديد مؤلفات منها : "المُستطرف في كلّ فنّ مستظرف" و "أطواق الأزهار على صدور الأنهار" و "تذكرة العارفين و تبصرة المستبصرين" وغيرها. ويعد المُستطرف من أهم كُتب الأبشيهي وأوسعها انتشارا، فهو كتاب ممتع وسمير مؤنس، يشدّك إليه ، ويأخذ بمجامع قلبك فلا تجد سبيلاً للخلاص من رفقته ومعاشرته، لأنه يجمع بين دفتيه ما يُنقّي الروح ويُهذّب الأخلاق ويصقل الفكر والضمير وكل ما تَعَلقهُ النفس وتتمسك به وترتاح إليه. المستطرف كتاب موسوعي شامل لأطراف متباينة من فنون الأدب والحكمة وتنمية الفضائل الإنسانية في النفوس، التي أراد الأبشيهي تذكير أهل عصره لما أصابهم من آفات تحلل في القيم، وشيوع كثير من العادات والتقاليد غير المحمودة بما فيها من لهو انتشر وظهر. قال الأبشيهي في بعض ما ذكر بمقدمة كتاب المستطرف التالي مع التصرف: "أما بعد، فقد رأيت جماعة من ذوي الهمم جمعوا أشياء كثيرة من الآداب والمواعظ والحكم، وبسطوا مجلّدات في التواريخ والنوادر والأخبار والحكايات واللطائف ورقائق الأشعار وألّفوا في ذلك كتبا كثيرة، وتفرّد كلّ كتاب منها بفرائد فوائد لم تكن في غيره من الكتب محصورة. فاستخرت اللّه تعالى وجمعت من مجموعها هذا المجموع اللطيف، و جعلته مشتملا على كلّ فنّ ظريف، وسمّيته المستطرف في كل فن مستظرف". إلى أن قال : "وطرّزته بحكايات حسنة عن الصالحين الأخيار و نقلت فيه كثيرا مما أودعه الزمخشريّ في كتابه "ربيع الأبرار ونصوص الأخبار"، وكثيرا مما نقله ابن عبد ربّه في كتاب "العقد الفريد". رأى النقاد في المُستطرف أن الأبشيهي من أرباب الأدب والمواعظ ولكن ليته تجنب في بعض ما ذكر الأحاديث والروايات التي تخلو من سند أو توثيق أهل الاختصاص، للابتعاد عن الخلل وتجنب شبهات النقد. وهذا يطال كثير من كُتب التراث حين تُدخل مرويات الحديث والأخبار دونما استيفاء تحقيق الأسانيد والمتون . لمحات من جوامع القول في المُستطرف نذكر التالي : *ولا تحتقر كيد الضعيف فربما تموت الأفاعي من سموم العقارب *وتجتنب الأسودِ ورود ماء إذا كان الكلاب يلغن فيه *ومن يكن الغراب له دليلاً يمر به على جيف الكلاب *كم من عليل قد تخطاه الردى فنجا فمات طبيبُة والعُوّد *فالغصنُ يُنبتُ غصناً حين نَقطعه والليلُ يُنجبُ صبحاً حين يَكتملُ سَتمطر الأرضُ يَوماً رغم شِحّتِها ومِن بطونِ المآسي يُولَدُ الأملُ