ها هي نفحات الشهر الفضيل تهب علينا بخيراته، تنزل علينا من الرحمات َالبركات، نستقبله بفرح غامر، لا نتوارى للحظه واحده أن تذهب دقائقه وساعاته هباء، نترقبه بشوق الأم لولدها البعيد، وللطفل لحضن والدته الدافئ. نتأهب له بكل جوارحنا، ونرتب له أوقاتنا، رمضان شهر لايتكرر إلا مرة واحدة في العام. ولايخفى عليكم مايحدث قبله من شراء الطعام والشراب بكثره، والسابق على العروض التجارية التي تعرض ماطاب من الطعام والشراب، والتخفيضات التي لن تجدها كثيرة إلا في هذا الشهر.. وما يلبث أن يأتي هذا الشهر، إلا ونحضر فيه ماطاب من الطعام والشراب وبكثره، وما نلبث أن نكتشف أن نصف هذا الطعام أو ربما ثلثه، يذهب إلى سله المهملات، وما يصبح في هذا الشهر من هدر للطعام أكثر بكثير من مايتم في الشهور الأخرى. فقال الله تعالى في كتابه الكريم (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31).. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (: ( من الإسراف أن تأكل ما اشتهيت). فقد ذكرت وزارة البيئة والمياه والزراعة أن هدر الغذاء يكلف المملكة 40 مليار ريال سنوياً، فيما تبلغ نسبة الغذاء المهدر عالميا أكثر من 33%. فكلنا مسؤول أمام الله ثم أمام المجتمع عن هذا الهدر وآثاره الكثيرة على على المال والصحة والبيئة والاقتصاد، يجب علينا جميعا استشعار أهمية حفظ النعمة واتباع طرق الاستهلاك الرشيد، فكلما أكثرنا من هدر هذا الطعام في هذا الشهر الكريم، ربما حرمنا غيرنا منه. فلنتصدق على المحتاجين بدلا من من الشراء غير الضروري. لنتأمل حال بعض البلدان التي تعاني من الفقر والمجاعة، ولنتفكر بالنعم العظيمة التي وهبا إياها رب العباد ونتق الله فيها بحفظها وعدم الإسراف فيها. يجب علينا المحافظة على الطعام والشراب فلا نستهلك إلا قدر الحاجة في هذا الشهر الفضيل وفي غيره من الأشهر، وألا نكثر من إعداد الطعام الزائد عن الحاجة، والمتبقي منه يمكن تسليمه للجمعيات التي تعنى بجمع الفائض منه وتسليمه لمن يحتاجه. لنحمد الله لما وهبا إياه من وفرة في الطعام والغذاء، ونؤدي شكره على الوجه المطلوب من خلال حفظه وتكريمه بعدم امتهانه ورميه.